السؤال
أتألم كثيرا لأن بعض زملائي يقولون لي إنني متدين كثيرا وإنني لا أتمتع بالحياة وأن رأسي مملوء بالدين فعلا أنا إنسان أحب الدين لأنني أفهم وأعرف أن هذه الدنيا ليست إلا طريقا لدار المقام ألا وهي الجنة وأريد أن أعمل عملا صالحا لكي يرضى الله عني ويدخلني في جنة الفردوس فكيف أعمل لكي أقنعهم بترك المعاصي والشهوات التي هي فقط زينة وشهوات الدنيا والشيطان فالجميع ينظر إلي بنظرة غريبة رغم أنني أعرف أنهم يحبونني لأني لطيف معهم ويقولون لي إنني المتدين الأكثر في الثانوية رغم أني لا أفعل إلا الخير إنني أصوم في بعض الأيام وأصلي وأترك اللحية رغم أنني أحلقها في بعض الأحيان ولا أسلم على الفتيات إلا باليد وليس بالخد وأتركهم عندما يتكلمون في الحرام وكل هذا يجعلهم يقولون إنني متدين كثيرا وإنه علي أن أتفتح على الدنيا وأن أتمتع، ولكن أنا أجيبهم بأنه حتى ولو أتوا بأعلى حجر ووضعوه علي لن أفعل إلا ما أتى به دين الإسلام ولن أخالفه وأن الحرية والتمتع بالشهوات لديها خطوط حمراء، ولكن بالنسبة لهم الدنيا كلها خضراء أعرف أن في عصرنا هذا الأكثرية من الناس تتبع الشهوات والشيطان والعياد بالله وأنه ربما زمن سوء، ولكن كيف أقنعهم باتباع الحق وترك الحرام -أنا في أوروبا؟ وشكرا لكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحلقلك للحيتك في بعض الأحيان يعتبر خطأ، ولك أن تراجع في حكم حلق اللحية الفتوى رقم: 30486. كما أن قولك إنك لا تسلم على الفتيات إلا باليد وليس بالخد يعتبر خطأ آخر، لأن المرأة الأجنبية لا يجوز للذكر أن يسلم عليها باليد ولا بالخد، فعن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له. رواه الطبراني والبيهقي وغيرهما. بل إن جمهور أهل العلم قد ذهبوا إلى تحريم مجرد إلقاء السلام على الشابة، ولك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 6158.
وإذا كان زملاؤك يقولون إنك متدين كثيرا، وأنت تمارس هذه الأمور المنهي عنها فإن في ذلك تصديقا لنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء. رواه مسلم. ومع هذا فإن فيك خيرا كثيرا، لأنك تريد العمل الصالح وتبحث عن مرضاة الله، وعن الطرق التي يمكن أن تدعو بها زملاءك، ففي بعض روايات الحديث السابق: قيل: يا رسول الله ومن الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس. رواه أحمد.
والذي ننصحك به أولا هو أن تبتعد عن رفقاء السوء، وأن لا تخالطهم إلا لما تدعو إليه الحاجة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة. متفق عليه.
وأما طريقة دعوة الزملاء إلى الله، فهي كما في قول الله تعالى: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين {النحل:125}، فالدعوة تكون بالحكمة، قال ابن جرير: وهو ما أنزله الله من الكتاب والسنة، وبالموعظة الحسنة، كذكر الزواجر والعقاب الذي أنزله الله على الأمم الماضية، والتذكر بالجنة والنار ونحو ذلك. اهـ وبالمجادلة بالتي هي أحسن، لمن احتاج منهم إلى جدال ومناظرة، فيناظر بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 67887، ونسأل الله أن يعينك ويصلحك ويهديك ويهدي بك.
والله أعلم.