السؤال
فضيلة الشيخ... أرضعت أمي ابنتي خالتي ونفس الشيء خالتي أرضعت اثنين من إخوتي الذكور، لكن لم تحدد عدد هذه الرضعات خاصة من طرف أمي إذ أكدت لي وحلفت على ذلك وهي معروف عليها الصدق فتقدمت أنا ولدها الأكبر الذي لم أرضع من خالتي قط لخطبة إحدى ابنتيها وهذا بعد ما وجدت في بعض الفتاوى أنه يسقط حكم الرضاع إن لم يحدد عددها بضبط، لكن حرصنا على الدين يجعلنا نستفسر أكثر فأنا محتار هل يحل لي الزواج من بنت خالتي هذه أم لا، فأفيدوني وفقكم الله في عملكم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالرضاع المحرم هو خمس رضعات في الحولين على القول الراجح، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، ثم إذا حصل شك في وجود الرضاع أو في عدد الرضعات المحرمة، لم يثبت التحريم لأن الأصل عدمه، فلا يزول الأصل بمجرد الشك، إلا أن الأحوط في هذه الحالة ترك الزواج بمن شك في وجود الرضاع معها لوجود الشبهة، لأن من العلماء من يقول بأن الرضعة الواحدة تحرم هذا من جانب، ومن جانب آخر فإنه يعاملها معاملة الأجنبيات، فلا يصافحها ولا ينظر إليها نظره إلى محارمه أخذا بالاحتياط.
قال الشافعي في الأم: ولو شك رجل أن تكون امرأة أرضعته خمس رضعات، قلت: الورع أن يكف عن رؤيتها حاسرا، ولا يكون محرما لها بالشك، ولو نكحها أو أحدا من بناتها، لم أفسخ النكاح، لأني على غير يقين من أنها أم. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وإذا وقع الشك في وجود الرضاع، أو في عدد الرضاع المحرم، هل كملا أو لا؟ لم يثبت التحريم، لأن الأصل عدمه فلا نزول عن اليقين بالشك، كما لو شك في وجود الطلاق وعدده. انتهى... ولمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 175395، 1566، 23851.
ومع ذلك فإننا ننصحك بالتورع وترك الزواج من هذه المرأة، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا بترك امرأة تزوجها لأن امرأة قالت: إنها أرضعتها معه، ففي صحيح البخاري وغيره عن عقبة بن الحارث: أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز فأتته امرأة فقالت قد أرضعت عقبة والتي تزوج. فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتني ولا أخبرتني، فأرسل إلى آل أبي إهاب يسألهم، فقالوا: ما علمنا أنها أرضعت صاحبتنا، فركب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فسأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف وقد قيل؟ ففارقها ونكحت زوجا غيره.
والله أعلم.