السؤال
لقد فعلت خطأ شديد أريد أن أعرف كيف أتوب عنه والله المعين، ولكن هذا الذنب لم يكن بقصد، في يوم أتصل أخي الأصغر من بلد يعمل فيها وأخبرني وهو يبكي بشدة ويترجاني المساعدة والذي حدث أنه قام بالتزوير لعدد من الشيكات وأنه أكثر من مرة فعل ذلك إلى أن وصل المبلغ لقرب الربع مليون وأن صاحب العمل اكتشف هذه الواقعة وأنه مهدد من صاحب العمل بالسجن وربما قطع اليد حيث إن البلد يقام فيه حدود الله ويطلب مني التفكير بحل المشكلة وأنا الأخت الكبرى لأخواتي ولم أستطيع أن أخبر أحدا من باقي الأسرة، ولكن لي ابن خال ذو منصب وعلاقات فقررت التحدث معه لخبرته وأعلمته أن معي توكيلا عاما من أخي وأني على استعداد لحل المشكلة بكل الطرق، فنصحني أن أسحب كل رصيده في البنك وأن تسافر الوالدة وهي كبيرة في السن بماله كله وأن صاحب العمل سوف يقدر حضور الأم ويقبل الأموال ويعفو عنه، وفعلا حدث ما توقعه وأخبرتني أمي أن الرجل عفى عنهم وأنه أعطاه حقه في مكافأة نهاية خدمة العمل لأنه سوف ينهي عمله ويغادر البلد بهدوء، وأثناء هذا اتصل بي أخي مرة أخرى وأكد لي أنه فى طريق العودة مع الوالدة وكله تمام ولكن أخبرني أنه يوجد حساب له في بنك آخر كنت أنا لا أعلمة من قبل وأنه يريد أن أذهب لسحب الحساب بالتوكيل كله ولما عرفت المبلغ رعبت وقلت له من أين لك بكل هذا أيكون هذا مال الرجل أكد لا، والصراحة أنني خفت أن أذهب لوحدي فطلبت من قريبي السابق أن يرسل معي أحدا بسيارة من شركته ووافق وذهبت وتم سحب كل الأموال وبعدها اتصل بي هذا القريب وترجاني أن أسلفه جزءا من المال على أن يرده قبل رجوع أخي والحقيقة أنني خجلت منه لوقوفه معي وأنا أثق أنه لا يكذب فى رد المبلغ وقلت كما أراد الله فك شدة أخي أفك شدة ابن خالي وأعطيته المال، عاد أخي وقد نجى وما إن علم بما فعلته لابن خالنا من ماله حتى ثار وسب وشتم واتهمني بأنني خنت الأمانة وقد أعاد ابن خالنا الأموال كلها، ولكن وقد مرت أكثر من 5 سنين على الموضوع ما زال يذكرني بالسب أمام كل من يراه ويريد الآن أخذ جزء من ميراثي الذي بيني وبينهم ويقول أن فلوسه كانت دولارا وأن ابن خالنا أرجعها بعملة البلد وهذا سبب له الخسارة وأنا المسؤولة عن تعويضه وأنه لن يجعلني أستلم ميراثي من أبي إلا بعد تعويضه أو أخذ جزء من ميراثي تعويضا، فما حكم الشرع فى كل هذا؟ وشكرا.
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
ما قام به أخوك سرقة وخيانة، ولا تتم توبته منه إلا بإرجاع جميع المال أو باستحلال صاحبه منه، وليس من حقك أن تقرضي مال أخيك دون إذن منه، وإنك إذ فعلت ذلك فمن حقه أن يأخذ من إرثك ما يكمل الفرق بين المبلغين إن كان قريبك لم يرد إليه القرض بتمامه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
لقد اشتمل السؤال على ما يلي:
1- قيام أخيك بتزوير الشيكات.
2- ما أخبر به بعد من امتلاكه مبلغا في حساب آخر.
3- ما قمت به أنت في سبيل حل المشكلة.
4- تسلفك شيئا من المال لقريبك.
5- ما حدث من إرجاع عملة غير العملة التي اقترضت، إن كان القرض قد تم بالدولار.
6- غضب أخيك من استلافك لقريبكما.
7- إرادته أخذ جزء من ميراثك مقابل خسارته.
النقطة الأولى: فإن ما قام به أخوك من تزوير الشيكات يعتبر سرقة وخيانة للأمانة وغشا، وكلها أمور ممقوتة في الشرع، ومن واجبه أن يبادر إلى التوبة من جميع ذلك، ومن تمام توبته أن يرجع جميع ما سرقه من الأموال أو يستحل منها صاحبها.
وما ذكرته من رضا صاحب العمل بالحل الذي فعلتموه لا ينجي أخاك مما اقترفه إذا كانت الأموال التي أخبر بها بعد تخلصه من المشكلة ملكا لصاحب العمل، لأن صاحب العمل قد رضي بذلك الحل ظانا أن أخاك لا يملك غير المبلغ الذي حملته إليه الأم، وفي هذا جواب عن النقطة الثانية.
وليس من شك في أن ما قمت به أنت من السعي في تخليص أخيك من المشكلة يعتبر عملا إنسانيا طيبا، ممدوحا في الدين وتقتضيه الأخلاق والأعراف، لكن هذا لا يبيح لك التصرف في أمانة أخيك دون إذن منه، فقد بينا من قبل أن التصرف في الأمانة دون إذن صاحبها لا يجوز ويستوجب الإثم، ولك أن تراجعي في ذلك الفتوى رقم: 21071. ثم إن من اقترض مبلغا من المال بعملة معينة من واجبه أن يرد قدره من نفس العملة.
وكان من المناسب لأخيك أن لا يؤاخذك بما فعلته، لأنك أخته، ولأنك سعيت في تخليصه من تلك الأزمة، ولأنك أقرضت المال لقريبكما، ومن تعاطف معكم في النكبة التي حلت بكم... وفي خصوص ما أراده أخوك من أخذ جزء من ميراثك مقابل خسارته، فإن كان الذي سحبته له أنت هو عملة البلد، وهو ما أقرضته لقريبك فليس من حقه أن يأخذ أكثر من القدر الذي تم قرضه ولو نقصت عملة البلد عن قيمتها يوم القرض، إذ المقرر عند أهل العلم هو أن الدين إنما يلزم في قضائه ما ثبت في ذمة المدين وقت التحمل، ولا اعتبار لما بلغته قيمته وقت الأداء.
وعلى هذا التقدير فليس من حق أخيك أن يأخذ من إرثك شيئا يعوض به خسارته، وأما لو كان ما أقرضته لقريبك هو بالدولار فإن من حق أخيك استرجاع ذلك منه بالدولار، وفي هذه الحالة يكون من حقه أن يأخذ من إرثك ما يكمل به الفرق بين المبلغين إذا كان قريبك لم يرجع المبلغ المقترض كاملا.
والله أعلم.