خلاصة الفتوى:
يجب على صاحب سلس البول وكل دائم الحدث أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها بعد أن يغير ملابسه المصابة بالنجس أو يطهرها إن أمكن ذلك ثم يغسل المحل جيدا، ويشد عليه خرقة أو نحوها، مما يمنع نزول الحدث وانتشاره، ثم لا يضره خروج السلس ولو خرج أثناء الصلاة. ويجوز له الجمع بين الصلاتين في السفر ولأجل المطر مثل غيره، وله أن يجمع في الحضر لعذر السلس.
فإن أصيبت ملابسه بنجس وتعذرعليه تغيير ملابسه أو تطهيرها صلى وصحت صلاته لأن اشتراط الطهارة مقيد بالاستطاعة.
فإن توضأ قبل دخول الوقت ونزل منه شيء بطل وضوؤه و لم تصح صلاته ويجب عليه قضاؤها بناء على قول الجمهور، فإن لم يخرج منه شيء وصلى لم تبطل طهارته عند الكثير من أهل العلم وصلاته صحيحة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الذي عليه جمهور الفقهاء أن صاحب السلس يجب عليه الوضوء لكل صلاة بعد دخول وقتها، ولا يجزئه أن يتوضأ لصلاة قبل دخول وقتها، ويجب عليه إذا أراد الصلاة أن يغير ملابسه المصابة بالنجس أو يطهرها إن أمكن ذلك ويغسل المحل جيدا، ويشد عليه خرقة أو نحوها مما يمنع نزول الحدث وانتشاره، ويتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، ثم لا يضره خروج السلس ولو خرج أثناء الصلاة، ويجوز لصاحب السلس أن يجمع بين الصلاتين في السفر ولأجل المطر مثل غيره، بل له أن يجمع في الحضر لعذر السلس، ولمزيد الفائدة والتفصيل يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 45107.
فإن أصيبت ملابسه بشيء من البول بعد التحفظ منه صحت صلاته لأن هذا من النجس المعفو عنه لمشقة الاحتراز عنه.
قال الدردير -رحمه الله- عند قول خليل المالكي: وعفي عما يعسر كسلس لازم. يعفى عن كل ما يعسر التحرز عنه من النجاسات بالنسبة للصلاة ودخول المسجد. انتهى.
أما إن كان قد فرط في التحفظ من النجاسة حتى تنجس ثوبه ولم يستطيع تطهيره ولم يجد غيره فإن عليه أن يصلي في الوقت ثم عليه أن يعيد هذه الصلاة بعد تطهير ثوبه، وقد بينا أقوال العلماء في هذه المسألة والراجح منها في الفتوى رقم: 58066. فراجعها.
أما عن الفقرة الأخيرة من السؤال فإن كان يتوضأ قبل دخول الوقت وينزل منه شيء لم تصح صلاته ويجب عليه قضاؤها وهذا قول جمهور العلماء، قال ابن قدامة في المغني عند كلامه على طهارة أصحاب السلس: فإن توضأ أحد هؤلاء قبل الوقت، وخرج منه شيء، بطلت طهارته، لأن دخوله يخرج به الوقت الذي توضأ فيه، وخروج الوقت مبطل لهذه الطهارة، كما قررناه، ولأن الحدث مبطل للطهارة، وإنما عفي عنه لعدم إمكان التحرز عنه مع الحاجة إلى الطهارة. وإن توضأ بعد الوقت صح، وارتفع حدثه ولم يؤثر فيه ما يتجدد من الحدث الذي لا يمكن التحرز منه. انتهى.
أما إذا توضأ قبل الوقت ولم يخرج منه شيء فقد اختلف أهل العلم هل يكتفي بالوضوء الأول أم لا بد من وضوء آخر؟
قال في الإنصاف في الفقه الحنبلي في شأن المستحاضة: وتتوضأ لوقت كل صلاة إذا خرج شيء بعد الوضوء، فأما إذا لم يخرج شيء فلا تتوضأ على الصحيح من المذهب، جزم به في المغني والشرح وغيرهما. وقدمه في الفروع، ونص عليه فيمن به سلس البول. انتهى.
وقال في كشاف القناع عن متن الإقناع: وتتوضأ لوقت كل صلاة إن خرج شيء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش: توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت. رواه أحمد وأبو داود. انتهى.
واقتصر على الاكتفاء بالوضوء الأول الشيخ محمد بن صالح العثيمين في الشرح الممتع ولم يتطرق للقول بالوضوء مرة أخرى، وبه يتبين أن صاحب السلس إذا توضأ قبل الوقت ولم يخرج منه شيء لم تبطل طهارته، هذا إضافة إلى أن المالكية لا يجب عندهم الوضوء لوقت كل صلاة بالنسبة لصاحب السلس، ولكن يستحب له فقط إن لازمه السلس أكثر الوقت ولم يحصل ناقض آخر.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 102413، والفتوى رقم 61320.
والله أعلم.