السؤال
إخواني مشكلتي باختصار أنه وقع خلاف بين أخي الوحيد وزوجته من جهة وأخواتي من جهة أخرى وللأسف الشديد وصل الأمر إلى القطيعة بين أخي واثنين من أخواتي وأنا ممن طالني الكلام ولكني من النوع الذي يغفر ويسامح بعد العتاب وأحاول أن لا أتجاوز بالكلام لأنهم جميعا اكبر مني بالسن، أخواتي اللواتي لا يكلمن أخي الآن يلمنني ويذكرنني دائما بالكلام الذي قيل والسب وأنا مصرة أن صلة الأرحام التي بيننا هي فوق كل شيء وعلينا جميعا أن نسعى إلى الصلح رغم كل شيء ورغم كل ما قيل ولكنهن يقلن لي إن في المسالة جرحا لكرامتنا، لقد سعيت على قدر الإمكان آن أصلح دون فائدة رغم أن أخي أبدى استعداده لذلك ولكن للأسف أخواتي يرفضن ذلك، سؤالي هل أنا مخطئة في موقفي من أخي وزوجته ومسامحتي لهم، وهل في هذا حقا إهدارا لكرامة أخواتي..........
أفيدوني جزاكم الله عنا خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ف
جزاك الله خيرا على صبرك على ما أصابك من أذى أخيك، واعلمي أن ما أتيت به من العفو والصفح وصلة الأرحام هو الذي يوافق أخلاق الإسلام، فالعفو من الأخلاق التي أمر بها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين {الشورى:40} وقال: وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم. {النور:22}.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.
فانظري كيف أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من عفا فإن الله يزيده عزا بعفوه، فكيف يقال بعد هذا إن العفو إهدار للكرامة ؟!!
العفو والصفح هما خلق النبي صلى الله عليه وسلم ، فأين المشمرون المقتدون؟! إن من يغالبهم حب الانتصار والانتقام أين هم من خلق سيد المرسلين ؟! سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله , فقالت: لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح. رواه أحمد والترمذي وأصله في الصحيحين.
وقد حكى الله سبحانه عن نبيه يوسف عليه السلام وقد آذاه إخوته وظلموه وعندما آل أمره إلى النصر والعزة والتمكين لم يقابل السيئة بمثلها وإنما عفا عنهم وكان منه ما حكاه القرآن الكريم عنه: قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين {يوسف:92}
ولتعلمي أيتها السائلة أن موقفك من أخيك أفضل من موقف باقي أخواتك ولا شك, وببركة ما أتيت أنت به من العفو والصفح عن أخيك فتح الله لك بابا عظيما من أبواب الطاعات والعبودية له جل وعلا ألا وهو صلة الرحم وإصلاح ذات البين، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس ! أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام. رواه الترمذي وغيره , وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله . رواه مسلم.
وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة! قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة. لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين. رواه الترمذي وصححه الألباني.
واعلمي أن سعيك للإصلاح بين إخوتك هو من أفضل الأعمال وأجل القربات إلى الله جل وعلا، قال سبحانه: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما. {النساء:114}.
وإنا نسأل الله سبحانه أن يوفقك في سعيك هذا وأن يجمع شمل أسرتكم وأن يصرف عنكم نزغات الشيطان ، وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5338 39037، 23737، 36568.
والله أعلم.