السؤال
مشكلتى أنني قمت قبل عامين تقريبا بالذهاب لاستخراج أوراق تخص الخدمة العسكرية, فعندنا في السودان لا يستطيع أحد استخراج شهادته الجامعية دون أن يكمل الفترة العسكرية, وأريد أن أكون معك صريحا فإنني لم أقم بعمل الخدمة العسكرية, وقمت برشوة أحد العاملين فقام بإدراج اسمى مع الأشخاص الذين أدوا الخدمة العسكرية ومر الأمر كما يجب, وفى الخطوة الأخيرة كان يجب استخراج البطاقة التي تبين أنني قمت بآداء الخدمة, وعندما دخلت إلى مكتب الرجل المسؤول عن ذلك أخذ يسألني أين تدربت وعلى ماذا تدربت فارتبكت, وقال لي: إنك لم تتدرب وأمرني أن أحلف على كتاب الله وكان بالقرب منه فوافقت مرغما, وطلب مني أن أذهب لأتوضأ فذهبت وحلفت على كتاب الله أنني أديت الخدمة العسكرية, فمرر لي ورقي وعندما راجعت نفسي وجدت أنني ارتكبت إثما كبيرا جدا وندمت ندما كبيرا وتمنيت من المولى عز وجل أن يغفر لي ذنبي، مع العلم بأنني أقوم بكل فروض الله وأصلي أوقاتي الخمسة فى المسجد، وتتابعت الأيام وعلمت أن غضب الله علي كان كبيرا فمنذ تلك الفترة وأنا أحاول الحصول على وظيفة فحاولت وحاولت كثيرا ولم أوفق, حتى أنني تقدمت إلى وظيفة, وبعد أنا عملت كل إجراءات التعيين لم أوفق في الأمر, وكان ذلك بصورة فردية حتى أن الأشخاص الذين كانوا معي سهل الله لهم, فهل يكون هذا عقاب الله لي على فعلتي؟ فأنا فعلت ذلك الأمر لاستخراج الشهادة الجامعية والهدف كان من الشهادة هو الحصول على عمل، فأرجو من فضليتكم أولا بالدعاء لي أن يغفر لنا ذبنا هذا وأن تسأل الله لي أن يوفقني أن أحصل على وظيفة فأنا أجلس لمدة عامين بدون عمل, وأعاني مشاكل نفسية واجتماعية بسب هذا الأمر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
نسأل الله أن يتوب عليك وأن يوفقك لسلوك الطريق المستقيم، فاليمين التي حلفت عليها هي يمين كاذبة، وتسمى باليمين الغموس ولا كفارة فيها عند جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة سوى التوبة وتجب الكفارة عند الشافعية وابن حزم وهو رواية عن أحمد، فعليك أن تستغفر وتتوب إلى الله وتكثر من العمل الصالح لعل الله أن يتوب عليك. وإن أردت إخراج الكفارة عن يمينك من باب الاحتياط فلا بأس وهو عمل صالح لن يضيع.. ونلفت انتباهك إلى أن الرشوة حرام أيضا بل ومن الكبائر لما في الحديث عن عبد الله بن عمرو قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.. وقال: حسن صحيح، وابن ماجه وصححه الألباني.
وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه أو لدفع ظلم أو ضرر فغير داخلة في هذا اللعن ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي، وقد سبق تفصيل ذلك في فتاوى أخرى... وعليك التوبة إلى الله واللجوء إليه ولا تيأس من وصول الرزق إليك، فإن رزقك مكتوب قبل أن توجد، ولكن عليك السعي وبذل الأسباب المشروعة ومن أعظمها الندم على ما فات والتوبة وتقوى الله فيما سيأتي، فقد قال سبحانه: ومن يتق الله يجعل له مخرجا* ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا {الطلاق:2-3}، وقال تعالى: ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا {الطلاق:5}، ونسأل الله أن يوفقك للتوبة وعدم العود إلى مثل هذه الأفعال الموبقة، وانظر في كفارة اليمين الفتوى رقم: 26595، وللمزيد من الفائدة راجع في ذلك الفتوى رقم: 29633، والفتوى رقم: 33977.
والله أعلم.