السؤال
أنا متزوجة وأسكن في ألمانيا، زرت بلدي بعد عام من زواجي ونزلت ببيت حماتي, قمت بخدمتها كأنها أمي خاصة وأن زيارتنا تزامنت مع عرس ولدها (أخي زوجي)، عملت فوق طاقتي بشهادة كل العائلة لتفرح حماتي بي وأنال رضى زوجي خصوصا وأني كنت حاملا يعني كنت حقيقي أتعب, لكن قلت كسبت بذلك قلب حماتي، بعد العرس قلت أروح أرتاح ببيت أهلي، زوجي كان موافقا وسعيدا وشكرني على ما فعلت، لكن تفاجأت أن حماتي لا تحب أن أزور أهلي, وعند عودتي قوبلت بجفاء من كل الأطراف حتي زوجي أصبح عصبيا، سؤالي هل من المعقول أن بر الزوجة لأهل زوجها يعتبر عاديا بل ولا تستحق عليه الثناء بينما السماح لها بزيارة أهلها شيء عظيم يجب إجماع كل الأسرة لأجله (حماة+ زوج)؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
جزاك الله خيرا على ما قمت به من خدمة لأهل زوجك، ونسأل الله سبحانه أن يتقبل منك ويجعل هذا في ميزان حسناتك.. وأما بالنسبة لزيارة الزوجة لأهلها؟ فالأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه، فإن خرجت دون إذنه كانت عاصية ناشزا تسقط نفقتها، لكن يستثنى حالات الاضطرار وقد مثل لها الفقهاء بأمثلة منها: إذا خافت من انهدام المنزل أو خافت من عدو أو حريق ونحو ذلك.
أما خروج المرأة لزيارة والديها أو أحدهما خاصة فإن العلماء اختلفوا في ذلك، وقد بسطنا هذا الخلاف في الفتوى رقم: 7260.. ومنها يعلم أنه ليس للزوج أن يمنعها من زيارة أبويها في قول جماعة من أهل العلم إلا أن يكون في ذهابها إليهما ضرر ومفسدة.
وعليه؛ فلا ينبغي للزوج أن يمنع زوجته من زيارة والديها ما لم يكن هناك سبب للمنع؛ ككونهم أصحاب معاصي مثلا، وهو يخشى على زوجته أن يفسدوها أو أن يكونوا ممن يحاولون الإيقاع بينه وبين زوجته، ويحاولون إغراءها بعصيانه والتمرد على طاعته فله حينئذ منعها؛ بل قد ذهب المالكية في هذه الحالة -وهي حالة خوف إفساد أبويها لها- إلى عدم المنع أيضا وقالوا كما جاء في الشرح الكبير وحاشية الدسوقي: فإذا ادعى الزوج إفساد أبويها لها وأثبت دعواه ببينة قضي بخروجها مع أمينة، وأجرة الأمينة على الأبوين لأنهما ظالمان، والظالم أحق بالحمل عليه وقد انتفعا بالزيارة، فإن كان ضرر الأبوين مجرد اتهام فالأجرة على الزوج لانتفاعه بالحفظ.
أما لو كان الأمر خلاف ذلك ولم تكن هناك مفاسد من زيارتها لأهلها، فلا ينبغي للزوج أن يمنعها من ذلك بل ينبغي له أن يعينها ويحفزها على ذلك لأن صلة الأرحام من أعظم القربات التي يتقرب بها إلى الله جل وعلا، والله سبحانه يقول: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب {المائدة:2}، وأيضا فإن زيارتها لأهلها وأرحامها يطيب خاطرها، ويدخل السرور عليها وعلى أولادها، وكل ذلك يعود بالنفع على الزوج والأسرة.. ولكن في الوقت نفسه لا ينبغي للزوجة أن تخرج سواء لأبويها أو لغيرهما بدون إذن الزوج، وعلى الزوج ألا يتعسف في استعمال حقه الشرعي لمنعها من البر والصلة وأن يقدر لها إحسانها إليه وإلى أهله، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.. وننبه أيضا أنه ينبغي للمرأة في خروجها أن تراعي التعاليم الشرعية في لبسها ومشيتها وتعاملها مع الأجانب ونحو ذلك، وللفائدة في الموضوع تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22026، 70592، 71357.
والله أعلم.