السؤال
تعرفت على فتاة خلال الإنترنت وأحببتها حبا جما لكرم أخلاقها والتزامها وتدينها وثقافتها الدينية العالية، وطلبتها للزواج, ولكن للأسف لم يتم اتفاق مع والدها؛ نظرا لمغالاته في المهر, حيث طلب مني شراء شقة تمليك لها ورفض أن أجهز لها الشقة كاملة بدون تملكها, وانتهى الحوار بالرفض, والآن تعلقنا أنا وهي ببعض لدرجة كبيرة, حيث كنا نقضي الساعات معا في المحادثة على النت لتبادل النصائح والترتيب لأمر زواجنا, وهي تطلب مني حاليا الأستمرار فى العلاقة كأنني أخ كبير لها لتستشيرني فى بعض أمورها عند حاجتها لذلك، فما الحكم في استمرار علاقتنا على هذا النحو بالكلام على النت أو في التليفون، مع العلم بأننا وبفضل ونعمة من الله كنا ولا نزال في غاية الالتزام في أدب الحديث طاعة وقربى لله عز وجل, وليتكم توجهون كلمة لوالدها أن يسهل لنا أمر زواجنا
وجزاكم الله عنا خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن العلاقة بين الرجال والنساء الأجانب في غير ظل الزوجية -سواء كان عن طريق النت أو اللقاءات أو غير ذلك- شعبة من شعب الشيطان، ومسلك شنيع من مسالكه الضالة، يستميل به أهل الطهارة والإيمان، ليوقعهم في السوء والفحشاء، وصدق الله سبحانه القائل: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر {النور:21}، واعلم أن أغلى ما تملكه دينك فلا تفسده بشهوة أو شبهة, وأيضا فإن ارتباط الفتاة برجل أجنبي عنها، وجعلها إياه محل ثقتها ومشورتها في أمورها والاطلاع على أسرارها ونحو ذلك، أمر محرم لأنه يجر إلى الفتنة والوقوع في المحظور، وقد سد الشرع الطرق الموصلة إلى الحرام، فحرم النظر إلى المرأة الأجنبية والخلوة بها والحديث إليها إن كان سببا للفتنة، وفي النساء الصالحات وفي أقارب الفتاة غنية عن الرجال الأجانب، فلا حاجة إلى إقامة هذه العلاقات بين الرجال والنساء الأجانب لمثل هذه الأمور.
فعليك أن تعرض عن هذه الفتاة كامل الإعراض، إلى أن يشرح الله صدر والدها للموافقة ويتم العقد عليها، وأما أمر المغالاة في المهور فهو مما عمت به البلوى في زماننا هذا, وهو خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تيسير الزواج وعدم المغالاة في المهر، ففي مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها. قال الألباني: حديث حسن... وكان هديه صلى الله عليه وسلم في تزوجه وتزويجه، وهدي صحابته رضي الله عنهم تيسير النكاح وتقليل مؤونته، ففي البخاري عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: تزوج ولو بخاتم من حديد. ولا شك أن في المغالاة في المهور مفاسد ومضار عظيمة؛ منها: انتشار العنوسة بين الجنسين، ولا يخفى ما في ذلك من نذير شؤم وفساد على المجتمع، حيث يتجه الشباب من الجنسين لقضاء شهواتهم وأوطارهم بطرق غير مشروعة ملحقين بذلك الضرر بأنفسهم وأهليهم وأمتهم.
فنقول لأهل الفتاة: ينبغي لكم أن تقدموا مصلحة ابنتكم، وأن تزنوا الأمور بميزان الشرع لا بموازين العرف والعادات المخالفة لهدي الإسلام، وليكن نظركم إلى كون هذا الشاب متصفا بالدين والخلق، فإن ذلك هو غاية المطلوب في الأزواج، وهو أرجى أن يكرم ابنتكم وأن يحفظ لها حقوقها، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها، وأن لا تجعلوا الأمور المادية حائلا دون إتمام هذا الزواج... وللفائدة في الموضوع راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 94856 ، 50355.
والله أعلم.