النسائي وصححه الألباني.
ففي هذا الحديث الحث على مكافأة من أسدى إليك إحسانا، فإن لم يجد المرء شيئا ماديا يكافئه به فتكون مكافأته بالدعاء له وتكرير هذا الدعاء: حتى تروا أنكم قد كافأتموه. كما في الحديث.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء. رواه الترمذي وقال:هذا حديث حسن جيد غريب ، وصححه الألباني.
قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود: فدل هذا الحديث على أن من قال لأحد جزاك الله خيرا مرة واحدة فقد أدى العوض وإن كان حقه كثيرا. انتهى.
والدعاء إذا كان داخل الصلاة فهو أقرب للإجابة لاسيما في السجود فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء. رواه مسلم.
فدعاؤك في صلاتك بالليل أو الدعاء خارج الصلاة لمن أحسن لك والدعاء للوالدة من الأعمال المشروعة بلا خلاف بين العلماء للحي أو الميت، قال تعالى: والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالأيمان {الحشر:10}.
وفي صحيح مسلم عن صفوان وهو ابن عبد الله بن صفوان وكانت تحته الدرداء قال: قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده ووجدت أم الدرداء فقالت: أتريد الحج العام فقلت: نعم قالت: فادع الله لنا بخير فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل.
واعلم أنه لا حرج على المسلم في الدعاء لأخيه مع ترك الدعاء لنفسه، ويدل لهذا حديث الصحيحين: يرحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر. وحديث الصحيحين: يرحم الله لوطا لقد يأوى إلى ركن شديد.
وأما تلاوة القرآن لرد الجميل كما تقول فلعلك تقصد إهداء ثوابه لمن قدم لك معروفا، فهذه مسألة محل خلاف بين العلماء. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في عرضه للخلاف: الناس على قولين:
أحدهما: أن ثواب العبادات البدنية من الصلاة والقراءة وغيرهما يصل إلى الميت كما يصل إليه ثواب العبادات المالية بالإجماع وهذا مذهب أبي حنيفة وأحمد وغيرهما وقول طائفة من أصحاب الشافعي ومالك وهو الصواب لأدلة كثيرة ذكرناها في غير هذا الموضع.
والثاني: أن ثواب العبادة البدنية لا يصل إليه بحال وهو المشهور عند أصحاب الشافعي ومالك. انتهى.
وفي المتأخرين من الشافعية أيضا من ذهبوا إلى أن ثواب القراءة يصل إلى الميت، وحكى النووي في شرح مسلم والأذكار وجها أن ثواب القراءة يصل إلى الميت. واختاره جماعة من أصحاب الشافعي منهم ابن الصلاح والمحب الطبري. وفي تفصيل مذاهب من ذكرنا من العلماء ينظر: مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل، حاشية إعانة الطالبين، تحفة المحتاج، الدر المختار ورد المحتار وما بعدها، فتح القدير، الشرح الكبير، مغني المحتاج، المغني، كشاف القناع، المهذب.
وقد فصل الإمام ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح: وما بعدها، الكلام في هذه المسألة ورجح جواز إهداء ثواب جميع الأعمال إلى الغير.
وأنصح السائل بالاقتصار على الأشياء التي ورد بها النص من الدعاء والاستغفار والصدقة ونحوها فهذا هو حال السلف من الصحابة ومن بعدهم وهو أكمل حال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فإذا أهدي لميت ثواب صيام, أو صلاة, أو قراءة, جاز ذلك, وأكثر أصحاب مالك, والشافعي يقولون: إنما يشرع ذلك في العبادات المالية, ومع هذا لم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعا, وصاموا, وحجوا, أو قرءوا القرآن. يهدون ثواب ذلك لموتاهم المسلمين, ولا لخصوصهم, بل كان عادتهم كما تقدم, فلا ينبغي للناس أن يعدلوا عن طريق السلف, فإنه أفضل وأكمل. انتهى
وأما عن كيفية هذا الإهداء فإن نوى المهدي وصول ثواب هذا العمل لفلان كفى، وإن قال: اللهم اجعل ثواب عملي هذا لفلان، ونحو هذا من الكلام، كفى أيضا.