الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انتفاع الميت بالوقف الخيري عنه

السؤال

توفي والدي -رحمه الله- وقمت أنا وأخواتي بوضع مبلغ من المال في إحدى الجمعيات الخيرية، في حساب الوقف الخيري، لصرف ريع المبلغ في الأعمال الخيرية. لكن قالت إحدى الجارات إن هذا العمل لن يصل ثوابه لأبي؛ لأنه لم يضع المال بنفسه، وإنما نحن من قمنا بذلك، وهو قد انقطع عمله. والمقصود في الحديث الشريف أنه هو من يضع المال بنفسه وليس نحن.
فهل كلامها صحيح؟ أم سيصل بإذن الله الثواب لأبي الحبيب إن شاء الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أجمع أهل العلم على انتفاع الميت بالصدقة عنه، سواء كانت جارية كسقاية ماء، أو بناء مسجد ونحو ذلك، أو كانت غير جارية كإعطاء فقير بعض الدراهم بنية حصول الثواب للميت.

ولا يلزم لصحة ذلك ووصول الثواب، أن يكون المرء تصدق عن نفسه، بل تصح الصدقة ويصله الثواب لو تصدق عنه غيره. والأخبار في ذلك ثابتة مشهورة في الصحيحين وغيرهما.

جاء في أسنى المطالب للشيخ زكريا الأنصاري : (الدُّعَاءُ) ‌لِلْمَيِّتِ ‌مِنْ ‌وَارِثٍ ‌وَأَجْنَبِيٍّ (يَنْفَعُ الْمَيِّتَ، وَكَذَا) يَنْفَعُهُ (الْوَقْفُ وَالصَّدَقَةُ عَنْهُ، وَبِنَاءُ الْمَسَاجِدِ وَحَفْرُ الْآبَارِ) وَنَحْوِهَا (عَنْهُ، كَمَا يَنْفَعُهُ مَا فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ).

لِلْإِجْمَاعِ، وَالْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي بَعْضِهَا كَخَبَرِ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ. صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» وَخَبَرُ «سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ أَفَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ. قَالَ: سَقْيُ الْمَاءِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ. انتهى.

وقد بينا ذلك مفصلا في الفتوى: 5541
وبناء على ما سبق، فإن ما قمتن به من الوقف لأبيكن ينفعه ويصله ثوابه -بإذن الله- ولكن أنتن أجر البر والإحسان إليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني