السؤال
إذا كنت أنا أريد السفر وبشدة مع أهل أمي، ولكن أبي يمكن ألا يخرج لي خروجية فبماذا أدعو، أريد أن أعرف وبسرعة....
وشكرا...
إذا كنت أنا أريد السفر وبشدة مع أهل أمي، ولكن أبي يمكن ألا يخرج لي خروجية فبماذا أدعو، أريد أن أعرف وبسرعة....
وشكرا...
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فبداية نذكر السائلة الكريمة بعظم حق الوالدين ووجوب طاعتهما والإحسان إليهما؛ كما قال تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا {النساء:36}.
وقد أمر الله بالتواضع والذل لهما، ونهى عن أدنى درجات إيذائهما ولو بقول أف، فقال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء 23-24}.
وأمر بشكرهما وصحبتهما بالمعروف حتى ولو كفرا بالله تعالى، قال عز وجل: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير * وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون {لقمان: 14-15}.
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم برهما من أفضل الأعمال، حتى قدمه على الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام، فعن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل ؟ قال: الصلاة لوقتها. قلت: ثم أي ؟ قال: بر الوالدين. قلت: ثم أي ؟ قال: الجهاد في سبيل الله. رواه البخاري مسلم.
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال: أحي والداك ؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد. رواه البخاري ومسلم.
قال ابن حجر في فتح الباري: استدل به على تحريم السفر بغير إذنهما ؛ لأن الجهاد إذا منع مع فضيلته فالسفر المباح أولى.
فينبغي أن يكون حرص الابن على رضا والديه أشد من حرصه على هذا السفر، فإن كان هذا السفر الذي تريده السائلة سفر طاعة، أو على الأقل سفرا مباحا خاليا مما يغضب الله ومما يؤول إلى ذلك، فعليها أولا أن تقنع والدها به بطريقة تنال بها رضاه. ولها أن تسأل الله حينئذ أن يشرح صدر والدها لهذا السفر، وأن ييسر لها سفرها هذا، ونحو ذلك.
ومما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم مما يقال عند استصعاب أمر، قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا. رواه ابن حبان في صحيحه. وبوب عليه فقال: ذكر ما يستحب للمرء سؤال الباري جل وعلا تسهيل الأمور عليه إذا صعبت. والحديث صححه الألباني.
فإن رضي والدها فبها ونعمت، وإلا فيجب أن تنزل على رغبة والدها بترك السفر، علما بأن لسفر المرأة شروطا يجب توافرها في سفرها تراجع فيها الفتوى رقم: 3859.
والله أعلم.