السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 27 سنة ذو خلق ودين, وقد تعرفت على فتاة ذات خلق ودين ومنذ 3 سنوات أحببتها, وكانت نيتي الزواج منها من البداية بالرغم من علمي بمعارضة أهلنا بسبب اختلاف العادات والتقاليد والمستوى الاجتماعي بين العائلتين فهي من مستوى أرفع، ولكن حبنا في الله وشدة تفاهمنا حال دون أن يفرق بيننا على أمل أن يغير الله الأحوال ويهدي أهلنا للموافقة على زواجنا, وقد تقدمت لخطبتها من أخيها منذ أشهر بالرغم من رفض والدي، ولكن رفضني أهلها بطريقة مهينة بعض الشيء فقمت وقتها بخطبة فتاة أخرى ذات خلق ودين من العائلة إرضاء لوالدي وغضبا مني من رد فعل عائلة الفتاة التي أريدها ويأسا من موافقتهم يوما, وحاولت إقناع نفسي بالرضا بالأمر الواقع وأنه قدر الله وأوهمت نفسي بأنني سوف أحبها مع الوقت، ولكنني فشلت في ذلك بعد أشهر اكتشفت أنني أكذب على نفسي, فأنا لا أريد سوى الأخرى فعندما أجلس مع خطيبتي أتخيل الأخرى وندمت على تهوري بخطبة فتاة أخرى، والآن أنا حائر لا أعرف كيف أتصرف أريد فسخ الخطوبة, ولكن هذا سوف ينجر عنه مشاكل في العائلة وغضب علي من طرف والدي وخاصة والدي؛ ويهددني بأني إن فعلت ذلك بأن يقطعني ويحرمني من الميراث ولن يقف معي في خطبة الفتاة الأخرى؛ بدعوى إن تزوجت منها سوف أسكن بعيدا عنهم في مدينة أخرى أي التي تقطن فيها تلك الفتاة التي أريدها، مع العلم بأنني أقيم وأعمل في تلك المدينة منذ 5 سنوات والتي تبعد عن منطقتنا ساعة زمن بالسيارة ولن أستطيع أن أعود للعيش في منطقتنا، فهل يعتبر هذا عقوقا للوالدين إن تشبثت برأيي وقمت بفسخ الخطوبة وتحدي أهلي وتقدمي ثانية لخطبة تلك الفتاة التي أريدها دون موافقتهم؟ مع العلم بأنني غير ضامن موافقة أهلها في هذه المرة أيضا, ولكنها وعدتني بأن تحاول جاهدة إقناعهما بزواجنا فأنا حائر وأخاف أن أخسر أهلي والفتاة التي أريدها بإصرار أهلها على عدم الموافقة وأن أكون ظالما كذلك لخطيبتي الحالية التي تعمل جاهدة على إرضائي بتركها دون سبب، فأرجو منكم إرشادي بما يحبه الله ورسوله والدعاء لي بتيسير أمور زواجي بالفتاة التي أريدها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فوجود والديك على قيد الحياة نعمة تستوجب الشكر وفرصة تغتنم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو أحفظه. رواه الترمذي. وصححه الألباني، وقال عليه الصلاة والسلام: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وقد أمر الله بالإحسان إليه لا سيما وقت الكبر بقوله: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهمآ أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء:23-24}.
وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك ثم الأقرب فالأقرب. حنسه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
فحاول أخي أن تقنع والديك بالموافقة على هذه الفتاة الملتزمة نظرا لتحريض الرسول صلى الله عليه وسلم على الزواج بذات الدين، وتقديم معيار الدين على جميع المعايير الأخرى، كما في حديث الصحيحين: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك.
فإن لم يقتنعا فلا شك أن إرضاءهما أولى وآكد.
وإن كان لنا من نصيحة في هذا المقام فإنا ننصحك بالنزول على رغبة والدك وترك هذه الفتاة وذلك لما يلي:
أولا: أنك ذكرت أن هناك فوارق اجتماعية بينكما وهذه الفوارق تعرض الاستقرار الأسري غالبا للانهيار.، ونظرا لضعف الدين في هذه الأزمان فإنه ينصح الرجل ألا يتزوج بمن هي أعلى منه في أمور الدنيا، لأن ذلك ربما أدى في المستقبل إلى تعاليها أو تعالي أهلها عليه وانتقاصهم له فلا تستقيم الحياة الزوجية حينئذ.
ثانيا: أنه قد سبق لك التقدم إلى أهلها وقابلوك بالرفض وأنت لست على يقين هذه المرة أنهم غيروا أراءهم فلا داعي للمغامرة بعلاقتك بأهلك من أجل أمر مظنون..
أما بالنسبة للفتاة التي خطبتها ولا تستريح نفسك لها كما تقول: فإن الأمر أمامك واسع فأمر الخطوبة ليس ملزما ويمكن فسخه دون حرج طالما وجدت الأسباب، فإن ضاقت نفسك بها وخفت أن تظلمها ولا توفيها حقها فلك أن تتركها من الآن وأن تبحث عن امرأة تستريح لها، يسر الله تعالى أمرك وشرح صدرك.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 37886، والفتوى رقم: 18399.
والله أعلم.