الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبالنسبة لطلب زوجك السفر إليه فهذا حقه ويجب عليك أن تجيبي, فقد نص أهل العلم على وجوب طاعة الزوجة لزوجها في السفر معه حيث يريد.
قال مالك في المدونة: وللزوج أن يظعن بزوجته من بلد إلى بلد وإن كرهت.... انتهى.
وقد اشترط أهل العلم لذلك شروطا منها: أمن البلد الذي تنتقل إليه، وأمن الطريق.
قال في مواهب الجليل: للرجل السفر بزوجته إذا كان مأمونا عليها، قال ابن عرفة: بشرط أمن الطريق والموضع المنتقل إليه. انتهى.
وننبه هنا إلى أمرين:
الأول: أنه لا بد أن يكون السفر إما مع الزوج أو مع محرم لك, لأن سفر المرأة بدون واحد منهما حرام على ما هو مبين في الفتوى رقم: 32845.
الثاني: أنه لا تجوز الإقامة في بلاد الكفار لمن لا يستطيع إقامة شعائر دينه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. رواه أبو داود وصححه الألباني. لأن الإقامة في بلاد الكفار ضررها أكبر من نفعها لما فيها من التعرض للفتن في الدين والانبهار بدنيا الكافرين، فيجب عليك أن تنبهي زوجك إلى هذا الحكم, حتى يقيم وضعه, هل هو ممن حلت لهم الإقامة أم لا؟
وأما بالنسبة لأمر ابنتك فإن المرأة إذا تزوجت من رجل أجنبي من أولادها فإنها بذلك تكون قد أسقطت حقها في الحضانة، لقوله صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به ما لم تنكحي. رواه أحمد وأبو داود.
وبذلك تعلمين أيتها السائلة أنه لا حق لك في حضانة هذه البنت ولو كنت معها في بلد واحد، إلا إذا رضي أبوها، وعند سقوط حقك في الحضانة فإن الحضانة تنتقل إلى أمك التي هي جدة البنت, وهذا رأي جمهور العلماء من المذاهب الأربعة وغيرهم، وعليه فلا يحق لأبي البنت أن ينازع فيها ما دامت جدتها سالمة متوفرة فيها مؤهلات الحضانة إلى أن ينتهي زمن الحضانة الشرعية .
وفي حالة موافقة من له الحضانة على حضانتك لها مع زواجك فلا يجوز لك نقلها إلى بلد آخر, إلا إذا رضي أبوها بنقلها، وكان ذلك هو الأصلح لها.
وبناء على ذلك فإن أمامك طريقين، إما أن يوافقك زوجك الثاني على إقامتك في بلدك للعناية بابنتك, وإلا فلا يجوز لك مخالفته, وإما أن يوافق زوجك الأول على سفر ابنته معك .
وننصحك في هذا كله بالاستعانة بالله سبحانه وكثرة دعائه والتضرع إليه، فنواصي العباد كلها بيديه, وهو سبحانه القادر على أن يجعل لك من أمرك فرجا ويسرا.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72117 , 9105, 7805.
والله أعلم.