الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجزاك الله خيرا على غيرتك، وحرصك على محارمك أن يلتزمن بتعاليم الإسلام، ونسأل الله لك التوفيق والثبات.
واعلم أخي أن القول بأن حجاب المرأة ليس جميلا وأنه تعقيد ونكد ونحو ذلك كفر صراح؛ لأن هذا تكذيب للقرآن والسنة وطعن فيهما،لأن الحجاب فريضة رب العالمين، وهدي سيد المرسلين، وقد أمر الله تعالى بالحجاب في آيات كثيرة فقال سبحانه وتعالى: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين {الأحزاب:59}. وقال تعالى: وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن {الأحزاب:53}.
وليس معنى هذا أن نحكم على القائل أنه كافر بعينه كلا، بل نقول: هذا القول قول كفري. وأما تكفير المعين فلا يسارع إليه إلا بعد توفر شروط وانتفاء موانع ؛ لأن من ثبت إسلامه بيقين لم يزل عنه إلا بيقين، والواجب هو السعي في هدايته وإنابته إلى الله، وقد كان كثير من السلف الصالح يحذرون من إطلاق كلمة الكفر أو كافر على من ظاهره الإسلام.
وأما مخالطة أختك للرجال الأجانب فحرام، ومخالفة صريحة لأوامر الله جل وعلا، لأنه من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى أمر بغض البصر بين الجنسين، وحرم إطلاقه، وإذا حرم النظر كان الاختلاط محرما من باب أولى لأنه فوقه في المفاسد، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاختلاط حتى في أماكن العبادة، ففي صحيح مسلم وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها. وإنما كانت صفوف الرجال الأوائل أفضل لبعدها من النساء، وكان الآخر منها شرا لقربه من النساء، ويقال مثل ذلك في صفوف النساء. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجال أن يتأخروا في الانصراف من المسجد حتى يخرج النساء كي لا يقع اختلاط بين الجنسين. وكان يتأخر عليه الصلاة والسلام عن الخروج من المسجد هو وأصحابه حتى يدخل النساء في بيوتهن، كل ذلك لمنع اختلاط الرجال بالنساء. وهذا كله في أماكن العبادة التي يكون فيها الإنسان عادة أبعد ما يكون عن ارتكاب الرذيلة أو الهم بها، فيكون غيرها أولى بالمنع.
فعليك أخي أن تقوم بواجب النصيحة تجاه أهلك سواء أمك أو أخواتك، ويمكنك أن تهديهن بعض الكتيبات التي تتحدث عن فرضية الحجاب وحرمة التبرج والاختلاط، ثم عليك أن تدلهن على الصحبة الصالحة من النساء صواحب الدين والعلم، فالبيئة الصالحة لها دور أساسي في الإصلاح والتوجيه.
واحرص في ذلك كله أن تحسن لأمك وأن لا يخرج تعاملك معها عن حدود الرحمة والرأفة والبر، لأن حق الأم عظيم ففي الحديث الصحيح المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك.
وأما بخصوص ما ذكرت من تفكيرك في ترك الزواج فلا ننصحك به مطلقا؛ فالزواج سنة النبيين وهدي المرسلين، قال تعالى: ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية {الرعد:38}، وفي الحديث المتفق عليه: يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء.
ولكن إن لم يتغير حال أهلك، وخفت إن أنت تزوجت أن يتأثر أولادك بهذه البيئة عندها يمكنك أن تسكن في مكان بعيد عنهم، ويكون تعاملك معهم بالقدر الذي يحقق البر والصلة من ناحية ويحفظ أولادك من التأثر بهم من ناحية أخرى.
وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 20640، 6675، 9044، 18119.
والله أعلم.