السؤال
كانت لي ابنة عم مريضة لمدة 3 إلى 4 سنوات, في البداية كنت أسأل عنها بالهاتف لأنها في مدينة بعيدة وكانت تحبني ثم في كل مرة كنت أتصل كنت أحس بأنها تكلمني بجفاء لا أدري لماذا فأتأخر في اتصالي القادم و هكذا حتى انقطعت الاتصالات, ثم أخبرت أن أمها أبعدتها عني. اليوم توفيت ولي تقريبا سنة لم أعدها, كيف أكفر عن ذنبي, حتى أني لا أستطيع الذهاب للجنازة لأنني في بلد آخر.
أرجوكم أفيدوني, والله أحبها وطالما دعوت لها ولكني أخاف من غضب ربي لعدم عيادتها ولا حتى بالهاتف وعدم مخاطبتي لعمي.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أمر الله ورسوله بصلة الأرحام فقال تعالى: واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام {النساء:1}.، وقال سبحانه: والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل {الرعد:21}، وفي الحديث: من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه. رواه البخاري ومسلم.
وحذر سبحانه من قطيعة الرحم بقوله: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم {محمد: 22-23}
وأولاد الأعمام من الأرحام التي اختلف العلماء في حكم صلتها، وأقل أحوالها الندب والاستحباب المتأكد، أما العم فهو من الأرحام التي يجب صلتها ويحرم قطعها باتفاق العلماء، فكان عليك أيتها السائلة أن تحافظي على صلتك لعمك وأولاده، مهما وجدت منهم من جفاء أو إعراض، فقد قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري وغيره.
ولعل ما ظهر من ابنة عمك من جفاء وإعراض إنما كان سببه ما ذكرت من مرضها المتواصل، فإن المرض يقلق النفوس ويضيق الصدور، فكان عليك أن تلتمسي لها الأعذار وتواظبي على السؤال عنها ومواساتها في مرضها ولو بالهاتف، فقد ورد في السنة الأجر العظيم لمن يعود المرضى، ففي صحيح مسلم: من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع. وروى الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد: أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا. حسنه الألباني. بل إن عيادة المريض تعتبر حقا للمسلم ينبغي أن يوفى له، ففي الحديث المتفق عليه: حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس.
أما ما تسألين عنه من كيفية التكفير عن هذه السيئات، فإنما يكون بالتوبة والاستغفار، ثم بالقيام بحق الأرحام من صلة وإحسان، ويكفي في ذلك السؤال عنهم بالهاتف والرسائل ونحوها طالما أنهم مسافرون.
أما بخصوص ابنة عمك – رحمها الله – فيستحب لك أن تكثري من الاستغفار لها والدعاء لها بالعفو والصفح عن الزلات، والتجاوز عن الهفوات، ولو أمكنك أن تتصدقي عنها فإن ذلك مما ينفعها بإذن الله، بل إنها تفرح بهذا في قبرها، وسيكون ذلك بإذن الله من أسباب تكفير سيئاتها ورفع درجاتها، فقد أجمع أهل العلم على أن الصدقة والدعاء يصل إلى الميت نفعهما، وقد ذكر مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن المبارك أنه قال: ليس في الصدقة خلاف.
فإن فعلت فعسى أن يكون هذا جبرا لما كان منك من تقصير في حقها حال الحياة.
للفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:: 30325، 13685، 8246.
والله أعلم.