السؤال
تركت لي أمي مبلغا من المال قصد بناء مسجد صغير، وقد ألحت أن يبنى في ملكها لكن بعد مرور أكثر من سبع سنوات لم أستطع تنفيذ وصيتها نظرا للمسطرة الصعبة في بناء المساجد، لهذا بدأت أنفق مالها في إدخال الماء الصالح للشرب إلى بعض المساجد، هل يجوز لي ذلك؟ وهل ارتكبت إثما حينما لم أنفذ وصية المرحومة علما بأني حاولت مرارا وتكرارا؟ ماذا أفعل بالمال المتبقي؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تنفيذ الوصية واجب في ثلث المال حسبما أوصى به الموصي ولا يجوز تغييرها أو تبديلها أو تأخيرها وعدم تنفيذها على وفق الوصية مع توفر الشروط وانتفاء الموانع يوقع في الإثم العظيم عند الله تعالى، قال تعالى: فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم {البقرة:181}.
قال القرطبي: والضمير في إثمه عائد على التبديل، أي إثم التبديل عائد على المبدل لا على الميت. انتهى.
وقد نص أهل العلم على وجوب اتباع شرط الواقف وقالوا إنه كحكم الشارع ما لم يخالف الشرع.
قال العلامة خليل المالكي في المختصر: واتبع شرطه .أي الواقف. إن جاز .
وفي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع: ويتعين صرف الوقف إلى الجهة التي عينها الواقف حيث أمكن لأن تعيين الواقف لها صرف عما سواها. انتهى.
وبهذا يعلم عدم جواز صرفك المال في إدخال الماء إلى المسجد، والواجب أن تنفذوا ما أوصت به أمكم من بناء مسجد ولو صغيرا إن كان ثلث متروكها يتسع لذلك أو وجدتم من يتطوع بما يكمل نقصه، وإن لم يتسع الثلث لبناء المسجد ولم يوجد متطوع بما يكمله فإنه يجب أن يصرف المبلغ في نظير الجهة التي عينتها الأم متى ما أمكن ذلك أي في مشاركة في بناء مسجد آخر أو تكميل بنائه لأن ذلك أقرب الطرق إلى تحقيق مقصود أمكم، وقد ثبت في الشرع فضل البناء للمساجد سواء كانت صغيرة أو كبيرة، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة.
وفي سنن ابن ماجه وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: من بنى مسجدا لله كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة.
فعليك أن تبدأ في محاولة صرف الباقي من المال في الابتداء بالمسجد ولو صغيرا وما صرفت سابقا من المال في غير الجهة التي أوصت بها الأم فعليك أن ترد مثله أو قيمته وتصرفه في المسجد.
ففي الحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الإمام أحمد.
والله أعلم.