السؤال
زوجي خصص لي شقة كمنفعة من ملكه بعد وفاته، حيث إنه متزوج بزوجة أخرى، ولديه خمس بنات وابن، على أن تؤول الشقة إلى ابنه بعد وفاتي، أو في حال زواجي من رجل آخر. فهل هذا جائز شرعًا؟
زوجي خصص لي شقة كمنفعة من ملكه بعد وفاته، حيث إنه متزوج بزوجة أخرى، ولديه خمس بنات وابن، على أن تؤول الشقة إلى ابنه بعد وفاتي، أو في حال زواجي من رجل آخر. فهل هذا جائز شرعًا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أن زوجك أوصى لك بسكنى الشقة بعد وفاته مدة حياتك، أو مدة بقائك غير متزوجة، فإذا كان هذا هو المراد؛ فإن هذه وصية بمنفعة، وقد بينّا في الفتوى: 148987، أن الوصية بالمنافع صحيحة في الجملة -كالوصية بالأعيان-، وأنها تكون في حدود الثلث، ولكن هي أيضًا كالوصية بالأعيان في كونها ممنوعة شرعًا للوارث، وتدخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، لأن المنافع أموال تقابل بالعوض كالأعيان.
قال القاضي الفراء في كتابه المسائل الفقهية: والمنفعة تجري مجرى الأعيان، والوارث لا يصح أن يملكه في مرضه عيناً من الأعيان؛ لأنه يحصل وصية له، كذلك في باب المنافع، ويبّين صحة هذا أنه معتبر من الثلث، كما تعتبر الأعيان. اهـ.
وكذلك وصيته بأن تؤول الشقة لابنه، هذه وصية لوارث، ممنوعة شرعًا، ويجري فيها ما ذكرناه من الوصية لك بسكنى الشقة.
قال البهوتي الحنبلي في شرح المنتهى في بيان تحريم الوصية للوارث: (وتحرم) الوصية (ممن يرثه غير زوج أو) غير (زوجة بزائد على الثلث لأجنبي، ولوارث بشيء) نصًا، سواء كانت في صحته، أو مرضه...
وأمّا تحريمها للوارث بشيء، فلحديث: إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الخمسة، إلا النسائي من حديث عمرو بن خارجة، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، عن أبي أمامة الباهلي.
(وتصح) هذه الوصية المحرّمة (وتقف على إجازة الورثة)، لحديث ابن عباس مرفوعاً: لا تجوز وصية لوارث، إلا أن يشاء الورثة. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: لا وصية لوارث، إلا أن تجيز الورثة. رواهما الدارقطني. اهـ.
وعلى هذا؛ فإن وصية زوجك لك بسكنى الشقة بعد وفاته، ووصيته بأن تؤول الشقة لابنه إذا تزوجتِ، أو متِّ، كلا الوصيتين فاسدة، ولا تمضي إلا برضا بقية الورثة من الزوجة الثانية، وبناته الخمس، أو غيرهم إذا وجد غيرهم من الورثة.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني