زنا بكتابية وتزوجها وأنجبت له ولدا من الزنا

0 306

السؤال

قد سبق وأن عصيت الله وزنيت في بلاد أوروبية شيوعية سابقة مع كتابية مع العلم أنه لها علاقات سابقة من قبلي وكنت أعاشرها وأخفت عني حملها ولم تعلمني إلا عند دخولها في الشهر الخامس عندها قطعت بها صلتي وقد نفيت عني ما في بطنها، لكن بعد الولادة أعطيت اسمي للمولود رغم شكي المتواصل إلى حد هذه الساعة في أنه من صلبي وكان ذلك في نفس البلد، وبعد مرور سنة على ولادته تزوجتها سترا لها وللمولود ورجعت بها إلى بلدي ولم تدم عشرتنا إلا سنة واحدة وبدأت المشاكل، فقمت بتطليقها للضرر في بلدي ولم تحكم المحكمة بالنفقة لا لها ولا للابن، وقطعت صلتي بهما قطعيا، لكن عند مراجعتي لنفسي وتبت إلى الله عز وعلا وندمت شديد الندم على كل ما فعلت من زنى وما ترتب عنه، والآن أنا خائف من الله وأقوم بواجباتي الدينية عسى أن يكفر عن ذنوبي، فرجعت الاتصال بهما بعد سنوات وكانت الردود بجفاء ويطلبان مني النفقة وفعلا بدأت بإرسال ما تيسر لي بفضل الله وأنا مازلت في حيرة من أمري الشيء الذي أدخل لي اضطرابا شديدا على حياتي وخاصة خوفي من رب العالمين. فما حكم الشرع في علاقتي بالابن وحمله لاسمي هل ما فعلته يصح شرعا. إخوتي الأفاضل عظمت ذنوبي وأوزاري فإني أستغفر الله على ما فعلت، فادعوا لي جزاكم الله عني كل الخير وأفتوني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
 

فنشكر الله سبحانه الذي من عليك بالتوبة وأنقذك من براثن الشيطان وشباكه، ونسأل الله أن يثبت أقدامك على طريق التوبة والإنابة، وعليك بالإكثار من الأعمال الصالحات فإنها مكفرات لما يقترفه الإنسان من السوء.

ثم اعلم أخي أن زواجك من هذه الكتابية باطل لأن الله تعالى لما أباح للمسلم الزواج من الكتابية اشترط أن تكون محصنة، أي عفيفة، فقال تعالى: والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن {المائدة:5}. والمراد بالمحصنات هنا: العفيفات، يقول الشعبي : إحصان الذمية ألا تزني، وأن تغتسل من الجنابة. انتهى من تفسير ابن عطية. وقال الطبري في تفسيره: وبلغ عمر أن حذيفة تزوج يهودية فكتب إليه عمر: خل سبيلها، فكتب إليه: أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها ؟ فقال: لا أزعم أنها حرام، ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهن. انتهى.

وقد ذكرت أن هذه المرأة المذكورة تمارس البغاء فعلى هذا يحرم الزواج بها ويقع العقد باطلا من أساسه.

وأما بالنسبة للولد فليس ابنا لك لأنه ولد زنا، ومن المعلوم أن ماء الزنا هدر لا حرمة له، فلا يثبت أحكام الزواج الصحيح من نسب وميراث وغير ذلك، وهذا هو رأي الجمهور لما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والدارمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في استلحاق ولد الزنا أنه لا يلحق الولد فقال: إن كان من أمة لم يملكها أو من حرة عاهر بها فإنه لا يلحق به ولا يرث؛ وإن كان الذي يدعى له هو ادعاه، فهو ولد زنية من حرة كان أو أمة. والحديث حسنه الألباني، وهو صريح في أن ولد الحرة المزني بها لا ينسب إلى الزاني ولا يرثه وإن ادعاه الزاني. قال ابن عبد البر في كتاب الاستذكار: ... أن العاهر (أي الزاني) لا يلحق به في الإسلام ولد يدعيه من الزنا وأن الولد للفراش على كل حال، والفراش النكاح أو ملك اليمين لا غير، فإن لم يكن فراش وادعى أحد ولدا من الزنا فكان عمر يليط أولاد الجاهلية بمن استلاطهم ويلحقهم بمن استلحقهم إذا لم يكن هناك فراش لأن أكثر أهل الجاهلية كانوا كذلك، وأما اليوم في الإسلام بعد أن أحكم الله شريعته وأكمل دينه فلا يلحق ولد من زنا بمدعيه أبدا عند أحد من العلماء كان هناك فراش أم لا. انتهى. وقال ابن قدامة في المغني: وولد الزنا لا يلحق الزاني في قول الجمهور. انتهى.

وعلى هذا فهذا الولد ليس ابنا لك ولا تلزمك نفقته خصوصا وأنت تشك شكا قويا أنه من مائك، فقد نص بعض الفقهاء على أن الاستلحاق إنما يكون في مجهول النسب، أما المقطوع بكونه من الزنا فلا ينفع معه الاستلحاق.

وقال الشيخ أحمد الدردير عند قول خليل: إنما يستلحق الأب مجهول النسب. قال: ولو كذبته أمه لتشوف الشارع للحوق النسب لا مقطوعه كولد الزنا المعلوم أنه من الزنا. انتهى. أي لا مقطوع النسب فلا يصح استلحاقه. وللفائدة تراجع الفتويين التاليتين: 1106، 23819.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات