السؤال
ما حكم الأب الذي يميز في تعامله بين الذكور والإناث وذلك لمصلحة الإناث ماديا ومعنويا وهذا نادر جدا - وذلك من حيث الزيارات - دعوات ولائم وعزائم - مساعدات مادية الخ. وهو يمن كثيرا على أبنائه الذكور بأنه قد رباهم و درسهم وزوجهم مع العلم أنهم يعملون معه في أرضه ويجنون له ثمار التين ويساعدوه في جميع أعماله في ذلك الوقت وهو لا يمن على الإناث بذلك مع أنه رباهم ودرسهم ووظفهم وهو لا يستفيد من راتبهم بشيء وهو دائما يعتبر بأن له من الحقوق ما لا يعد ولا يحصى على أبنائه الذكور وينسى حقوق أبنائه الذكور عليه ولديه مقولة بأن الابن عندما يصبح بعمر /18/ سنة ليس له أي حق على أبيه وهو يحترم أصهاره لدرجة تفضيلهم على أبنائه الذكور بحجة أن عرضه عندهم وأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان يقوم لأصهاره لمصافحتهم كما أن هذا الأب لا يقدم أي مساعدة لأبنائه الذكور في حال احتاجوا إلى تلك المساعدة مع أن أحواله المادية جيدة جدا أرجو منكم الإجابة وعدم إحالتي إلى فتاوى سابقة لا تمكن من نصح هذا الأب المستهتر بحقوق أبنائه؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمما لا شك فيه أن للوالد حقا عظيما على الولد، ولذا أوجب الشرع على الولد بر والده والإحسان إليه والحذر من عقوقه، ومهما حدث من الوالد من تقصير في حق ولده فلا يجوز لولده أن يسيء إليه أو يصفه بشيء من الأوصاف السيئة، فإن هذا من العقوق. قال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهمآ أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء:23}. وفي المقابل ينبغي أن يعلم أنه لا يجوز للوالد استغلال ما منحه الله من حق على أولاده في ظلمهم أو التقصير في شيء من حقهم، ومن العدل بين الأولاد التسوية بينهم في العطية على الراجح من أقوال العلماء، فلا يجوز له تفضيل بعضهم على بعض لغير مسوغ شرعي. وينبغي أيضا أن يعدل بينهم في كل شيء حتى في الأمور المعنوية، فإن عدم التسوية بينهم قد يؤدي إلى وقوع التباغض بينهم، وربما كان مثل هذا التصرف دافعا للأولاد للوقوع في شيء من العقوق، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لبشير والد النعمان عندما أراد أن يفضله بينهم في العطية : أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذا.
فالذي نرشدكم إليه هو الصبر على أبيكم ومناصحته في ضوء ما ذكرنا ، ويمكنكم أن تستعينوا عليه ببعض من لهم وجاهة عنده.
وتحقيق هذا العدل المطلوب لا يتعارض مع كون الأب قد يحنو أكثر على الضعيف من أولاده، ومن ذلك حنوه على بناته لضعفهن فالتمسوا لأبيكم العذر في ذلك.
وبخصوص المساعدة للأبناء عند الحاجة فينبغي للوالد أن يساعدهم وهذا هو المعهود من الآباء عادة، وأما حكم النفقة على الكبار البالغين منهم القادرين على الكسب ففي هذه المسألة خلاف بين العلماء، وأكثرهم على عدم وجوب الإنفاق عليهم كما سبق بيانه بالفتوى رقم: 66857.
وينبغي لهؤلاء الأبناء أن يسعوا في طلب الرزق بدلا من البقاء عالة على أبيهم، وأما عمل الأبناء مع أبيهم فالأصل أنه تبرع ومساعدة منهم له، فلا يجوز لهم مطالبته بدفع الأجرة إلا إذا جرى الاتفاق على ذلك أو جرى العرف بذلك، فالمعروف عرفا كالمشروط شرطا. وعلى كل فإن أراد الأبناء مساعدة من أبيهم فينبغي أن يطلبوا منه ذلك بالحسنى.
وأما إكرام الرجل أصهاره فأمر حسن وفيه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شك أنه قد يكون أدعى لحصول العشرة بين الزوج وزوجته.
والله أعلم.