السؤال
يشرفني أن أكاتبكم بخصوص مسألة يتردد إشكالها كل سنة مع حلول هذا الشهر الفضيل، وهي في حقيقتها شقان: الأول: ما الأفضل في قيام ليالي رمضان، فهل الإكثار من الركوع والسجود، أم الإكثار من تلاوة القرآن؟الثاني: فهل إذا دعت ضرورة طارئة لا تسمح بالحضور في المسجد لقيام تراويح ليلة السابع والعشرين، أن يكثر الإنسان من تلاوة القرآن ويكون له أجر القيام فأفيدوني؟ جزاكم الله خيرا.. وتقبل منكم صالح الأعمال.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقيام رمضان مشروع باتفاق العلماء، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه..
ولا شك في أن الأفضل اتباع طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في القيام، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا.
والزيادة على ذلك القدر جائزة بلا شك ففي موطأ مالك أنهم صلوا التراويح زمن عمر ثلاثا وعشرين ركعة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 113226.
وقد نص الشافعي رحمه الله على أن تطويل القراءة وتقليل الركعات أحب إليه، لما فيه من موافقة السنة، ولكن إذا شق على الناس طول القيام فاستعاضوا عنه بكثرة الركعات فلا بأس، فالمقصود استيعاب عامة الليل بالصلاة.
أما الشق الثاني من السؤال فليلة السابع والعشرين من أرجى الليالي التي تلتمس فيها ليلة القدر كما ثبت ذلك في الصحيح من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه، وإذا عجز الإنسان عن حضور المسجد فإنه يجتهد في الصلاة بمفرده، وإحياء الليل بالقيام، وهو في هذه الحال على رجاء مثوبة الله عز وجل، لأن الجماعة ليست شرطا في قيام رمضان بالاتفاق، وإذا عجز عن الصلاة قائما أمكنه أن يصلي قاعدا بل له أن يصلي النفل قاعدا مع القدرة على القيام، وله نصف أجر القائم إن صلى قاعدا مع القدرة على القيام، وقراءة القرآن عمل حسن وطاعة يرجى ثوابها، لكن قارئ القرآن في غير صلاة لا يصدق عليه وصف قيام الليل، ولا يحصل له ثوابه، لأن المقصود بالقيام هو الصلاة، فقارئ القرآن مأجور ولا شك لكن أجره دون أجر المصلي، والأفضل والأولى إحياء ليل رمضان بالقيام.. وانظر لذلك الفتوى رقم: 12054.
والله أعلم.