السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 26 عاما منذ ثلاث سنوات ارتبطت بشاب كان زميل لي بعلم أهلي ووالدته وذلك عن طريق حضور والدته لبيتنا وكنا في انتظار والده للقدوم من الخارج وعند عودة والده رفضني دون أن يراني لمجرد أنه لا يعجبه المكان الذي أسكن به وطلب مني هذا الشاب ووالدته أن أنتظره حتى يقنعوا والده وهذا منذ ثلاث سنوات ومن حوالي شهرين مرض والده وحاولوا أن يتكلموا في الموضوع ففي هذه المرة لم يبد أي رأي سوء ربنا يسهل وتوفي أبوه منذ شهر ووالدته هي الآن التي ترفض بحجة أن رفض أبيه يعتبر وصية وعند سؤالنا أهل الذكر قالوا إنها ليست وصية ومن حق الابن اختيار من يريد زواجها وعندما قال هذا الشاب لوالدته هذا الكلام قالت له بصراحة أنا خائفة تضيع الفلوس التي تركها لك والدك بأن تخدعك هذه البنت وتجعلك تعطيها كل الفلوس مع العلم بأنها كانت مقتنعة بي تماما وبأخلاقي. آسفه للإطالة ولكنني لا أعلم الآن ماذا أفعل فالموضوع كما شرحته الشاب يطلب مني أن أنتظر إلى أن يقنع والدته وقال إذا لم تقتنع سآتي بخالي وعمي لإتمام الزواج لأن الجميع موافقون هل أنتظر أم أتركه وأستعوض الله فيما ضاع من عمري وأتحمل ما سيحدث لي من عائلتي والناس لأن الجميع كانوا يعلمون أنه خطيب لي وماذا أقول للناس وإذا جاء هذا الشاب بخاله وعمه هل أوافق وأنه بذلك لا يرتكب ذنبا لأنه لم يراع كلام أمه أدعو الله أن تساعدوني؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا يجوز لهذه الأم أن تقف عقبة أمام زواج ابنها بمن يريد من النساء، طالما أنه لم يكن لديها مبرر شرعي معتبر لهذا الرفض والاعتراض، وقولها إن رفض والده – رحمه الله – قبل موته يعتبر وصية غير صواب، فليس هذا من الوصية، بل لو فرض أنه أوصى بذلك بالفعل فهذه الوصية غير لازمة التنفيذ، ولا يكون الابن عاقا بمخالفتها، وذلك لأن زواج الرجل العاقل الرشيد من غير إذن أبويه يعد زواجا صحيحا لا شبهة فيه البتة.
ولكن يبقى أيضا أن بر الوالدين فرض وطاعتهما واجبة في غير معصية الله، وفيما لا يلحق الابن فيه كبير ضرر ومشقة .
ولذا فإنا ننصحك بأن تطلبي من هذا الشخص أن يحاول اقناع أمه بالزواج منك وأن يسترضيها، وأن يطمئنها أنه لا خوف من الفتاة صاحبة الخلق والدين التي تخشى الله وتراقبه، فإن أصرت الأم على رفضها فعلى هذا الشاب أن يترك هذا الزواج طاعة لأمه، إلا إذا خشي على نفسه الوقوع في الحرام بسبب هذا الترك أو كان سيلحقه كبير أذى وضرر إن هو ترك الزواج منك، عند ذلك يجوز له الزواج ولو لم توافقه أمه على ذلك، لأن العلماء رحمهم الله قد نصوا على أن الأب أو غيره من الأولياء لا يملك أن يمنع الفتاة – التي له عليها الولاية في النكاح – من الزواج بمن تريد وأنه إذا فعل فإنه يكون عاضلا ويجبره القاضي على التزويج إذا وجدت الكفاءة.
قال ابن قدامة في المغني في حق الفتاة التي يمنعها وليها من الزواج بمن تريد: فإن رغبت في كفء بعينه ، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته ، كان عاضلا لها. انتهى.
فمن باب أولى لا يملك الأب ولا غيره من العصبات فضلا عن الأم أن يمنعوا الرجل العاقل الرشيد من الزواج بمن يريد؛ لأنه لا ولاية لأحد عليه في عقد النكاح.
لكن إن هو فعل وتزوج بدون موافقة أمه، عليه بعد ذلك أن يبذل كل جهده في استرضائها، وجلب ودها ورضاها ففي ذلك سعادته في الدنيا والآخرة.
بقي أن نشير في النهاية إلى أمر هام طالما سبق وأن تطرقنا إليه في الفتاوى، وهو أنه لا يجوز إنشاء علاقات الحب والغرام بين الرجال والنساء، ولو كان ذلك بغرض التعارف قبل الزواج، لما يترتب على ذلك من محاذير شرعية ومفاسد عظيمة وعواقب وخيمة، والخطيبة أجنبية على الخاطب حتى يعقد عليها عقدا شرعيا صحيحا.
وللفائدة تراجع الفتاوى التالية أرقامها: 20295، 50264، 51297.
والله أعلم.