السؤال
جاء في تفسير ابن كثير في سورة النجم عند قوله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) أن المفسر رحمه الله نقل قول الإمام الشافعي الذي ينفي وصول ثواب إهداء قراءة القرآن للموتى وقد قرأت في فتواكم المنقولة أدناه أن الأحناف والشافعية أجازوا إهداء ثواب القرآن للميت فهل هناك أي تعارض وعلى أي أساس تم ذكر موافقة الشافعية لهذا الأمر طالما أن رأس المذهب يقول بغير ذلك؟ وهل الثواب مملوك لقارئ القرآن كي يهبه لمن يشاء أم أنه أمر بيد الله؟ وكم من قارئ للقرآن والقرآن يلعنه؟...إلخ
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنشكر السائل الكريم على المتابعة ونرحب بكل ملاحظة تردنا منه، وننبهه إلى أن الخلاف في هذه المسألة معروف وقديم.
جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف العلماء في قراءة القرآن للميت وإهداء ثوابها له، فذهب الحنفية والحنابلة إلى جواز قراءة القرآن للميت وإهداء ثوابها له، قال ابن عابدين نقلا عن البدائع: ولا فرق بين أن يكون المجعول له ميتا أو حيا، والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره، وقال الإمام أحمد: الميت يصل إليه كل شيء من الخير، للنصوص الواردة فيه، ولأن الناس يجتمعون في كل مصر ويقرؤون يهدون لموتاهم من غير نكير فكان إجماعا، قاله البهوتي من الحنابلة.
ومن المعلوم أن المالكية والشافعية عندهما قولان في المسألة، عدم وصول الثواب وهو قول المتقدمين منهم، ومنهم الشافعي -كما أشرت- وقول المتأخرين بوصول الثواب... ومن المعلوم أن المذهب لا يقتصر على أقوال الإمام وآرائه وحده، والذي ذكرنا في المذهب هو القول الآخر لرجحانه عندنا بالأدلة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 8150 ولم نذكر أنه قول الإمام، وعلى هذا الأساس نسبنا هذا القول للمذهب.. وقد نقل الإمام النووي في الأذكار ورياض الصالحين عن الإمام الشافعي رحمه الله قوله: ويستحب أن يقرأ عنده (الميت) شيء من القرآن وإن ختموا القرآن كله كان حسنا.
ولا اعتراض على وصول الثواب بالآية الكريمة، لأنها إنما تدل على أن الإنسان لا يعطى كسب غيره، لكن إن وهب هذا الغير كسبه، فإنه يصير من جنس كسبه في وجوه الانتفاع به، ولا اعتراض كذلك بما ذكر من كون الثواب بيد الله تعالى أو بأنه رب قارئ للقرآن... فالكلام إنما هو عن من تقبل الله قراءته وأعطاه الثواب ثم أهدى القارئ هذا الثواب للغير.. وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 3406.
والله أعلم.