السؤال
إن والدي صاحب أراض فلاحية، وهو في حالة عسر شديد، عاجز عن مواصلة العناية بما لدينا من أشجار مثمرة لقلة السيولة المالية، وهو مصر على عدم بيع أي قطعة أرضية لأنقاذ المزرعة من الضياع لحبه الشديد لنعمة الأرض وعدم تقبله فكرة البيع لما له من ذكريات 40 سنة عمل وجهد و تضحية، و المشكلة أن أخوي يعملان معه أحدهما رب أسرة و الثاني أعزب، و ليس لديهما أي منفذ آخر للعيش منه إلا الأرض لا يقدران عن سد حاجاتهم من أكل و شرب و علاج، وعليه يطلبان من فضلكم هل من إمكانية طلب قرض فلاحي بفائدة فقط للعمل و سد حاجياتهم الضرورية، وعند تسوية وضعيتهم يسددون القرض و يتوقفون نهائيا عن هذه المعاملة أو من حل آخر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد حرم الله سبحانه وتعالى الربا، وتوعد متعاطيه بحرب منه فقال سبحانه وتعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين* فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون {البقرة:279،278}
وعده النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات السبع حين قال: اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات. رواه البخاري ومسلم .
وتحريم الربا أمر معلوم من الدين ضرورة، ولا يباح إلا لمن بلغ من الاضطرار حدا كبيرا كالخوف من الهلاك أو حصول المشقة البالغة كما في الفتوى رقم: 6501.
وبناء على هذا، إذا كانت الضرورة بلغت منكم هذا المبلغ، ولم تستطيعوا إقناع والدكم ببيع المزرعة لحل مشكلتكم ولم تجدوا مجالا آخر لتسويق ذلك، فلا حرج عليكم في أخذ قرض ربوي بقدر الضرورة، فقد قال تعالى: وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه {الأنعام: 119}.
ولا يجوز لكم التوسع في ذلك لأن الضرورة تقدر بقدرها. وللأهمية راجعي الفتوى رقم: 1952، والفتوى رقم: 48727.
والله أعلم.