السؤال
يا شيخ قال لي أحد الناس الذي يريد الاغتسال من الجنابة يجب عليه ألا يسقط شيئا من الماء الذي يغتسل به في قلب الإناء الذي يغتسل منه بعدما يقول النية وإذا سقط منه هذا الماء يجب عليه أن يغتسل بماء جديد فأنا عندما كانت في الحمام أغتسل من الجنابة سقط من شعري الماء الذي سكبته على رأسي في أناء الماء الذي أغتسل منه فهل علي أن أعيد الاغتسال أم أن غسلي صحيح؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهك أولا إلى أن التلفظ
بالنية غير مشروع فإن محلها القلب، ثم إن غسلك صحيح إن شاء الله ولا تلزمك إعادته، فإن الماء المستعمل في طهارة واجبة قد اختلف في حكمه أهل العلم، فقال بعضهم هو طهور وهو رواية في مذهب مالك والشافعي وأحمد، ونصره شيخ الإسلام ابن تيمية وقواه العلامة العثيمين، فإن قلنا بهذا القول فلا إشكال في صحة غسلك لأنه ماء طهور سقط في ماء طهور.
والقول الثاني هو أن الماء المستعمل طاهر وليس بطهور أي أنه طاهر في نفسه غير مطهر لغيره وهو قول الجمهور وعلى هذا القول فإن وقع ماء مستعمل في طهارة واجبة في ماء طهور فقد نص أهل العلم على أنه لا يسلبه الطهورية إذا لم يكثر ويتفاحش وذلك لمشقة الاحتراز وعموم البلوى.
قال ابن قدامة رحمه الله: فصل وإن كان الواقع في الماء ماء مستعملا عفي عن يسيرة .قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد الرجل يتوضأ ، فينتضح من وضوئه في إنائه ؟ قال: لا بأس به. قال إبراهيم النخعي: لا بد من ذلك. ونحوه عن الحسن، وهذا ظاهر حال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ لأنهم كانوا يتوضؤون من الأقداح والأتوار، ويغتسلون من الجفان، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل هو وميمونة من جفنة فيها أثر العجين واغتسل هو وعائشة من إناء واحد تختلف أيديهما فيه، كل واحد منهما يقول لصاحبه : أبق لي ومثل هذا لا يسلم من رشاش يقع في الماء، وإن كثر الواقع وتفاحش منع على إحدى الروايتين. انتهى.
وبهذا يظهر لك صحة غسلك وأنه ليس عليك إعادته إذا كان ما وقع من الماء المستعمل في الماء الذي تغتسل منه قليلا، وانظر الفتوى رقم: 55375، والفتوى رقم: 61710.
والله أعلم.