السؤال
أحببت أن أرسل هذه الرسالة بناء على طلب صديق لي، لهذا الشخص عم تكاد تقول عنه مجنون حيث تم تقييم عقله بنسبة 50% من الجنون وفي أحد الأيام اعتدى عمه على أخيه الصغير (اعتدى العم على ابن أخيه) جنسيا وهو الآن في حيرة من أمره حيث إن له جدة عجوزا كبيرة بالسن وبها من الأمراض ما لا يعلمه إلا الله فأراد أن يبلغ عن الجريمة ولكن يخاف على الجدة من ردة فعلها فمن الممكن أن يحدث لها مكروه، فما هي فتوى الشريعة الإسلامية هل هناك حد على هذا المجنون أو ماذا يفعل فهو الآن يخاف على أبنائه الصغار وأبناء العائلة من عمه، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان هذا الشخص على الحالة التي ذكرت من تخلف العقل فهو معتوه بناء على تعريف العته عند الفقهاء والذي هو نوع من أنواع الجنون، ففي كتاب التشريع الجنائي للأستاذ عبد القادر عودة: العته: يعرف الفقهاء المعتوه بأنه: من كان قليل الفهم، مختلط الكلام، فاسد التدبير سواء كان ذلك ناشئا من أصل الخلقة أو لمرض طرأ عليه، ويفهم من هذا التعريف أن العته أقل درجات الجنون، ويمكن القول بأن الجنون يؤدي إلى زوال العقل أو اختلاله، أما العته فيؤدي إلى إضعافه ضعفا تتفاوت درجاته، ولكن إدراك المعتوه أيا كان لا يصل إلى درجة الإدراك في الراشدين العاديين. وأكثر الفقهاء يسلمون أن العته نوع من الجنون وبأن درجات الإدراك تتفاوت في المعتوهين ولكنها لا تخرج عن حالة الصبي المميز. انتهى.
وإذا ثبت كون الشخص المذكور معتوها فلا عقوبة عليه ولا فائدة في التبليغ عنه لارتفاع التكليف عنه، لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يشب وعن المعتوه حتى يعقل. رواه الترمذي وغيره وصححه الشيخ الألباني.
وعلى افتراض أنه مكتمل العقل وقام بفعل اللواط بصورة كاملة وثبت ذلك بأربعة شهود يرون الفعل بشكل واضح لا لبس فيه ولامراء، فلا يجب التبليغ عنه ولا رفعه لولي الأمر بل يطلب ستره ووعظه بحكمة ورفق وتحذيره من الوقوع في مثل هذا.
قال الحطاب في مواهب الجليل: وقال ابن العربي في مسالكه: المشهود به إن كان حقا لله ولا يستدام فيه التحريم كالزنا وشرب الخمور. زاد أصبغ: والسرقة. فترك الشهادة له جائزة، ولو علم بذلك الإمام فقد قال ابن القاسم: يكتمها ولا يشهد. وقال ابن القاسم في أربعة شهدوا على رجل بالزنا فتعلقوا به ورفعوا للسلطان وشهدوا عليه: لا تقبل شهادتهم ويحدون لأنهم قذفة. ابن رشد: إنما لم تجز شهادتهم لأن تعلقهم به ورفعهم إياه لا يجب عليهم بل هو مكروه لهم لأن الإنسان مأمور بالستر على نفسه وعلى غيره. قال صلى الله عليه وسلم: من أصاب من مثل هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله. قال في التمهيد: في هذا الحديث دليل على أن الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه إذا أتى فاحشة، وواجب ذلك أيضا في غيره. وقال ابن العربي: إذا رأيته على معصية فعظه فيما بينك وبينه ولا تفضحه. انتهى.
لكن ينبغي لصديقك الحرص على حماية عياله والاحتياط في ذلك ما أمكن بإسكان عمه في مسكن خاص خارج بيت العائلة ومراقبة تصرفاته حسب الاستطاعة وتحذير العيال من الاقتراب منه مطلقا.
والله أعلم.