السؤال
هناك امرأة لا ترتدي الحجاب و هي متحررة (بلغة عصرنا) مرة سمعتها بنفسي تقول إنها تأتي لتستحم في القسم الذي تعمل به في الجامعة(وهو أمر غير مقبول على الإطلاق في عرفنا) و سبب ذلك أن القسم الداخلي الذي تقيم به لا يوجد به ماء...وغيره من سفور وأمور أخرى تدل على أنها غير ملتزمة بشرع الله. إحدى زميلاتي تتحدث عنها بأنها امرأة متهتكة وأنها سافرت لإحدى المؤتمرات بدون محرم وأن عندها قضية أخلاقية(لم تحدد نوعها ) في المحكمة وأنها حضرت يوما للعمل-بحسب رواية زميلتها أي صديقتي- و هي ترتدي تنورة قصيرة وتضع خلخالا في إحدى رجليها وكان يوما من أيام رمضان. الجميع في العمل(و لكن معظمهم ليسوا ثقات) لا يرتاحون لهذه المرأة وعندما تذكر يلمحون إلى تحررها وأننا تخلصنا منها بعد سفرها. سمعت من صديقة أخرى أن هذه المرأة سليطة وبذيئة اللسان، عذرا على الإطالة في الشرح ولكن ما قصدته أنني سمعت بنفسي موقف الاستحمام و أشاهد عدم التزامها بالحجاب و الباقي على ذمة من رووه و عليه:
• هل يجوز عدم السلام على تلك المرأة بناء على ما شاهدته و ما يقوله الناس؟
• هل هذه المرأة تعتبر مجاهرة بالفساد؟
• هل يجوز اغتيابها ولا أقصد بالغيبة الجلوس والتحدث عنها وانما تحذير الناس وإعلامهم بسوء تصرفاتها وعدم لياقتها مثل ما فعلت صديقتي التي حدثتني عنها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلقد حرم الله الغيبة، وصور فاعلها في صورة بشعة، قال تعالى: ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم. {الحجرات:12}.
وقد عرف النبي صلى الله عليه وسلم الغيبة، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله أعلم، قال ذكرك أخاك بما يكره، قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته. رواه مسلم.
والغيبة تباح في بعض المواضع للمصلحة، وقد ذكر الإمام النووي في شرح مسلم، ستة أسباب تبيح الغيبة، مذكورة في الفتوى رقم: 6710، ومنها المجاهرة بالمعصية ، لكن يراعى أن تكون الغيبة مقتصرة على المعصية التي يجاهر بها، أما إذا زاد الشخص على تلك المعصية أو وصفه بصفة لا تقتضيها تلك المعصية فذلك غير جائز، كما تباح الغيبة للاستعانة على الأمر بالمعروف وتغيير المنكر، بأن يخبر من يظن أنه يغير المنكر، وتباح لتحذير المسلمين من الشر، كمن يرى إنسانا يصاحب فاسدا أو يقدم على معاملته في تجارة أو زواج، فإنه يحذره منه، لكن لا يجوز التحذير مع عدم وجود مبرر.
كما أنه لا يجوز اتهام المسلم بغير بينة، ولا يجوز إطلاق اللسان في أعراض المسلمين.
أما عن سؤالك، فإن اغتسال هذه المرأة في الجامعة، للعذر، إذا كان فيه أمن من انكشاف العورة ومن التعرض للفتنة، فالظاهر أنه غير محرم، وأما التبرج فهو بلا شك حرام، وعلى ذلك فإن حكم ترك السلام عليها يدخل في هجر أصحاب المعاصي، والراجح فيه عندنا أنه دائر مع المصلحة كما هو مبين بالفتوى رقم: 14139.
فإذا كان الغالب على ظنك أن ترك السلام عليها يعين على إصلاحها وردها إلى الحجاب فينبغي أن تتركي السلام عليها، وأما إذا كان الغالب أن السلام عليها والكلام معها يرجى معه إصلاحها فهو أولى.
وأما عن كونها مجاهرة بالفساد، فإنها إذا كانت تخرج متبرجة بين الأجانب فهي مجاهرة بالمعصية.
وأما عن جواز اغتيابها، لتحذير الناس منها، فهو جائز إذا دعت إليه الحاجة كما سبق ذكره.
والله أعلم.