الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهون عليك الأمر أيها السائل وأحسن الظن بربك سبحانه، واحذر أن يستدرجك الشيطان فيوقعك في اليأس من رحمة الله سبحانه، فإن ذلك من كبائر الذنوب، وعظائم المعاصي، بل هذه صفات أهل الكفر الذين نزع الإيمان من قلوبهم، قال سبحانه: إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون {يوسف: 87}.
وقال سبحانه: والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم {العنكبوت: 23}.
واصرف عنك وساوس الشيطان وسارع إلى مغفرة مولاك ورحمته فقد وسعت رحمته كل شيء، فإنه سبحانه كريم يقبل توبة التائبين، ويقيل عثرات المذنبين.
ثم اعلم أن السعادة في هذه الدنيا ليست بوفرة المال، وإنما هي بالإيمان والقناعة والرضى، وإن الدنيا أهون من أن يضيق الإنسان ذرعا لقلتها في يده.
ففي صحيح مسلم عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بالسوق والناس كنفيه، فمر بجدي أسك ميت فتناوله فأخذ بأذنه فقال: أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال: أتحبون أنه لكم؟ قالوا: والله لو كان حيا كان عيبا فيه لأنه أسك فكيف وهو ميت؟ فقال: والله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم.
وتسخطك على حالك ناشئ من عدم تذكرك لنعم الله عليك وشكرها، وإلا فأين نعمة الله عليك في البصر، والسمع، والقدمين اللتين تسير بهما حيث تشاء، واليدين، وأين نعمة الله عليك في المعافاة من الأمراض الفتاكة المستعصية فكم من الناس قد حرم هذه النعم، هل ترضى أن تسلب نعمة البصر أو غيرها من النعم مقابل القناطير المقنطرة من الذهب والفضة، ألا ترى الأعمى لو كانت له كنوز الأرض لرضي أن يبذلها بطيب نفس مقابل نعمة البصر لو كان إليه سبيل إلى ذلك.
واعلم أن الفرح والسرور وقرة العين في الإقبال على الله والقيام بأوامره سبحانه، فإن الله سبحانه بحكمته وفضله قد جعل الرضا والفرح والسرور والنشاط والأنس وقرة العين في طاعته وامتثال أوامره، قال سبحانه: من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة {النحل: 97}، وقال سبحانه: فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى {طه: 123}، وجعل أضداد هذه من الهم والحزن والضيق واليأس والكآبة في التفريط في الطاعة وفعل المعصية. فما يجده الإنسان من هم وغم وضيق في الصدر ونكد في العيش فإن هذا ثمرة من ثمرات المعاصي النكدة ونتاج من نتاجها المر، قال الله سبحانه: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى {طه: 124}, وقد قال الله سبحانه: ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا {النساء: 123}.
وقد روى ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية: ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به، وكل شيء عملناه جزينا به؟ فقال: غفر الله لك يا أبا بكر ألست تمرض ألست تحزن ألست يصيبك اللأواء؟ قال: فقلت: بلى، قال: هو ما تجزون به. انتهى.
فدل هذا الحديث على أن ما يصيب المؤمن من هم وحزن وكآبة إنما هو بسبب ذنوب تقدمت منه ولكن هذا برحمة الله وفضله يكون كفارة لذنوبه.
أما ما تسأل عنه من زواج المتعة؟ فإن زواج المتعة باطل وقد كان مباحا أول الإسلام ثم حرم، وقد مضى تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 485.
وأما الزواج المؤقت فإن كان التأقيت مذكورا في صلب العقد فلا فرق حينئذ بينه وبين المتعة، وأما إذا كان مجرد نية في قلب العاقد لم يتلفظ بها, فهذا ما يعرف بالزواج بنية الطلاق، وهذا قد اختلف العلماء في حكمه والراجح عدم جوازه وهذا ما أفتت به اللجنة الدائمة، فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: الزواج بنية الطلاق زواج مؤقت، والزواج المؤقت زواج باطل؛ لأنه متعة، والمتعة محرمة بالإجماع، والزواج الصحيح: أن يتزوج بنية بقاء الزوجية والاستمرار فيها، فإن صلحت له الزوجة وناسبت له وإلا طلقها، قال تعالى: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
وأما ما تذكر من غلبة الشهوة وعدم القدرة على الزواج فقد بينا في الفتوى رقم: 6995، نصائح هامة لمن غلبته شهوته، وكيفية التخلص من سطوتها وشرورها.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4822، 9731، 28288، 30158.
والله أعلم.