زوجة أخيها تغتابها وتؤذيها بغير وجه حق

0 362

السؤال

زوجة أخي تؤذيني كثيرا وتتكلم من خلفي، وكل بقية إخوتي يعلمون ذلك ويعلمون بتصرفاتها السيئة، فهي تفتن وتكذب كثيرا، وأيضا تمنع أخي من زيارتي فأنا لوحدي لست متزوجة ووالدي قد توفيا وأسمع أنها تحفظ القرآن وتحضر المحاضرات.
أنا لا أريد الرد عليها بأي سيئة، ما أريد معرفته هل ما تسببت فيه بأذيتي سيغفره لها الله لأنها تذهب للتحفيظ؟ أرجو إفادتي لكي أري الإجابة لأخي لأنه لا يستطيع أن يرد عليها لخوفه منها.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

 فإيذاء المسلمين والمسلمات بغير وجه حق حرام لا يجوز, قال الله تعالى: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا  {الأحزاب:58}.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم يتتبع الله عورته، و من تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله. رواه الترمذي وصححه الألباني.

وما تفعله زوجة أخيك هذه من أنها تتكلم عنك في غيبتك بما يؤذيك حرام وهو من الغيبة المحرمة قال سبحانه: ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه. {الحجرات : 12}.

فدلت الآية على حرمة الغيبة من وجهين:

الأول: النهي عنها في قوله تعالى" ولا يغتب" ومعلوم أن النهي يفيد التحريم.

الثاني: تشبيهها بأكل اللحم من الإنسان الميت, وهذا تشبيه في غاية البشاعة والفظاعة.

يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره:  وقد ورد فيها (الغيبة) الزجر الأكيد؛ ولهذا شبهها تعالى بأكل اللحم من الإنسان الميت، كما قال تعالى:  أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ؟ أي: كما تكرهون هذا طبعا، فاكرهوا ذاك شرعا؛ فإن عقوبته أشد من هذا وهذا من التنفير عنها والتحذير منها، كما قال، عليه السلام، في العائد في هبته: كالكلب يقيء ثم يرجع في قيئه، وقد قال: ليس لنا مثل السوء. انتهى.

وضابط الغيبة المحرمة هو ما ذكره رسول الله – صلى الله  عليه وسلم – في قوله:  الغيبة ذكرك أخاك بما يكره. رواه أبو داود وصححه الألباني, حتى ولو كان ذكره بصفة متحققة فيه سواء كانت خلقية أو خلقية طالما أنه يكره الحديث عنه بها .

وقد جاء في سنن أبي داود عن عائشة قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم حسبك من صفية كذا وكذا تعني قصيرة فقال لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته.

فالواجب على هذه المرأة أن تتقي الله سبحانه والواجب على زوجها أن يأمرها بتقوى الله وأن يكفها عما تفعله من الإثم والمعصية, فإن زوجته مما استرعاه الله، والواجب على الراعي أن يحفظ رعيته وأن يتعهدها بالنصيحة والأدب, فإن لم يفعل فقد خان الأمانة.

 وقد قال صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه البخاري ومسلم.

وكذا فإنه يحرم عليه أن يطيعها فيما تأمره به من قطع أخته وعدم زيارتها..

أما ما تسألين عنه من غفران الله لها ذلك  بسبب حفظها للقرآن أو عدم غفرانه, فنقول: إن الذي صرحت به النصوص الشرعية هو أن حقوق العباد وظلم العباد بعضهم لبعض لا يغفره الله سبحانه إلا إذا عفا صاحب الحق وأسقط حقه, أما مجرد الطاعات وفعل الخير فإنها لا تكفر ذنوب العبد في حق غيره, بل إن ذنوب العباد ومظالمهم لتذهب - والعياذ بالله - بالطاعات والقربات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى.

ففي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون من المفلس قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار .

 ألا فلينتبه من يتعب نفسه في الصلاة والصيام ثم هو بعد ذلك يطلق لنفسه العنان في ظلم المسلمين وإيذائهم.

والله أعلم.

 

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة