السؤال
أريد شرحا لحديث رسول الله: يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن. منطقة الموطفين من هن؟
أريد شرحا لحديث رسول الله: يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن. منطقة الموطفين من هن؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن. وفي رواية: يأتي على الناس زمان خير مال الرجل المسلم الغنم، يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن. رواه البخاري في مواضع من صحيحه، فبوب عليه في كتاب الإيمان: باب: من الدين الفرار من الفتن. وبوب عليه في كتاب الرقاق: باب: العزلة راحة من خلاط السوء. وبوب عليه في كتاب الفتن: باب: التعرب في الفتنة. ورواه أبو داود في كتاب الفتن من سننه، وبوب عليه: باب: ما يرخص فيه من البداوة في الفتنة. ورواه ابن ماجه أيضا في كتاب الفتن وبوب عليه: باب: العزلة. وهذا التبويب بيان منهم رحمهم الله لفقه الحديث، فهذه الخيرية للعزلة إنما تتأكد عند حصول الفتن التي يخشى منها على الدين.
قال ابن حجر: وهذا صريح في أن المراد بخيرية العزلة أن تقع في آخر الزمان. انتهـى.
وقال أيضا: الخبر دال على فضيلة العزلة لمن خاف على دينه، وقد اختلف السلف في أصل العزلة، فقال الجمهور: الاختلاط أولى لما فيه من اكتساب الفوائد الدينية للقيام بشعائر الإسلام وتكثير سواد المسلمين وايصال أنواع الخير إليهم من إعانة وإغاثة وعيادة وغير ذلك.
وقال قوم: العزلة أولى لتحقق السلامة بشرط معرفة ما يتعين ..
وقال النووي: المختار تفضيل المخالطة لمن لا يغلب على ظنه أنه يقع في معصية، فإن أشكل الأمر فالعزلة أولى.
وقال غيره: يختلف باختلاف الأشخاص فمنهم من يتحتم عليه أحد الأمرين ومنهم من يترجح، وليس الكلام فيه، بل إذا تساويا فيختلف باختلاف الأحوال، فإن تعارضا اختلف باختلاف الأوقات، فمن يتحتم عليه المخالطة من كانت له قدرة على إزالة المنكر فيجب عليه إما عينا وإما كفاية بحسب الحال والإمكان، وممن يترجح من يغلب على ظنه أنه يسلم في نفسه إذا قام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وممن يستوي من يأمن على نفسه ولكنه يتحقق أنه لا يطاع، وهذا حيث لا يكون هناك فتنة عامة، فإن وقعت الفتنة ترجحت العزلة لما ينشأ فيها غالبا من الوقوع في المحذور، وقد تقع العقوبة بأصحاب الفتنة فتعم من ليس من أهلها؛ كما قال تعالى: واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة. انتهـى.
وقال السندي في حاشيته على النسائي: (شعف الجبال) أي رؤوسها. و (مواقع القطر) أي المواضع التي يستقر فيها المطر كالأودية. وفيه أنه يجوز العزلة بل هي أفضل أيام الفتن. انتهى .
ومما ورد في معنى هذا الحديث أيضا ما في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الناس أفضل ؟ فقال: مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله. قالوا: ثم من؟ قال: مؤمن في شعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شره.
أخيرا ننوه إلى أننا لم نعرف قصد السائل من قوله (منطقة الموطفين من هن).
والله أعلم.