الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأساس هذا الكتاب قائم على طريقة منحرفة في تناول مسائل الشرع، وفيها محاولة شاذة لتقريب أحكام الشريعة من الواقع المنحرف الذي يحياه الآن كثير من المسلمين، من البعد عن الالتزام بأحكام الحلال والحرام، والانحلال الأخلاقي والتبعية للغرب.
ومؤلف الكتاب يخبر عن نفسه أنه لاحظ عند دخوله الجامعة عدم التقيد بالزي الإسلامي للمرأة عند الكثير من النساء، وبعضهن ينحدر من أسر عريقة وكبيرة، وبعضهن من أبناء مشايخ وأساتذة بالأزهر. وأنه صادفه العديد من الاعتراضات لكتاب مشهورين مرموقين يعترضون على الشريعة الإسلامية ويصفونها بالقسوة؛ لما فيها من رجم للزاني، وقطع ليد السارق... إلخ. ويرون أن شريعة الإسلام لا تصلح لزماننا.
ويرجع المؤلف ذلك للجهل بالدين وإغلاق باب الاجتهاد حتى أصبح الفقهاء يحفظون ولا يفقهون، ويفتون بآراء قديمة ولا يتدبرون !! والساسة منذ القديم تدخلوا عن جهل منهم وحمية وحماسة فألغوا أنظمة هي مباحة شرعا فأصبحت محرمة قانونا، وسهلوا أشياء هي محرمة شرعا؛ فأصبحت مباحة قانونا.
ثم يقول المؤلف: وقد من الله علي بعلم ورأفة وإحساس بالغير أيا كان فكره أو مذهبه (!!!) لذا فكرت فيما كتب هؤلاء، وراجعت ما درست بالأزهر، فوجدت أن شريعة العبيد هي على النصف من شريعة الأحرار، أي أنها يمكن أن تناسب مثل هؤلاء. فما كان مني إلا أن أمعنت النظر في حياة هؤلاء الكتاب وطريقة تفكيرهم وأسلوب حياتهم فوجدتهم عبيدا في صورة الأحرار، فبحثت في أسيادهم فما وجدت إلا عبيدا ويتحكمون في شعوب بأكملها إلا ما رحم ربي، حتى وصلت إلى دولة عظمى تحكم العالم تقريبا بأسره... اهـ.
من العجيب أن يصف المؤلف فقهاء الإسلام بأنهم يحفظون ولا يفقهون، ويفتون بآراء قديمة ولا يتدبرون!! في حين أن موقفه من الكتاب الذين يعترضون على الشريعة الإسلامية ويصفونها بالقسوة -وهذه ردة عن الإسلام وتطاول على رب العالمين- يصفهم بأنهم مشهورون مرموقون!! ثم يقول عن نفسه: من الله علي بعلم ورأفة وإحساس بالغير أيا كان فكره أو مذهبه (!!!) لذا فكرت فيما كتب هؤلاء.. ).
فالمؤلف آلى على نفسه إلا أن يتدبر ويفكر في ما كتب هؤلاء المرتدون، ليجد لهم ما يليق بهم ويناسب عقولهم وأفكارهم، على حساب شريعة الإسلام وفقهائه!!.
فمحور الكتاب يدور على فكرة شاذة وممجوجة، وهي تنزيل أحكام العبيد والرقيق في الشريعة الإسلامية، على عموم الناس باعتبارهم عبيدا في الحقيقة. ولا يخفى ما في هذا من الخطأ والخطل، وما يترتب عليه من الشطط والخلل. ومن ثمرات ذلك عند المؤلف إجازة كشف المرأة لشعرها وذراعيها، وغنائها للأجانب غير المحارم. فماذا لو أعملنا بقية أحكام الرقيق وجوزنا للسيد أن يهب أو يبيع أمته، ويستبرئها المالك الجديد بحيضة واحدة!!.
ونقطة أخرى مهمة تظهر من عنوان الكتاب، فاسم الكتاب كاملا كما سماه مؤلفه: حضارة العبيد والنظام البديل للزواج، وهذا النظام البديل هو نكاح المتعة الذي كان مباحا في أول الإسلام، ثم نسخ بحكم الشرع لا بأمر الحكام والساسة ! وقد سبق الكلام على نكاح المتعة وما يترتب عليه من المفاسد في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1123، 11583، 19835، 69660.
فأصل فكرة الكتاب على كونها مخالفة لإجماع المسلمين قديما وحديثا، مؤداها أن يعيش الناس مجتمعا يشبه إلى حد كبير مجتمع الجاهلية الأولى!
ومن العجيب أن يقول المؤلف: الكتاب يحوي اجتهادا قابلا للصواب، كما أنه قابل للخطأ. ولست مسؤولا إطلاقا أمام ربي ولا أمام مخلوقاته عمن يتبع أحد هذه الاجتهادات بدون الرجوع إلى علماء الأمة وهيئات الفتوى المعتمدة بهذا الخصوص. اهـ.
ولا ندري ـ إن كان الأمر كذلك ـ لماذا ألف، ولماذا نشر. طالما أنه ليس من علماء الأمة ولا من هيئات الفتوى المعتمدة بهذا الخصوص!!.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: سيأتي على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه في أمر العامة. رواه ابن ماجه وأحمد. وصححه الألباني.
والله أعلم.