السؤال
بالنسبة لمن يجمع الصلاة: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. حسب مذهب الإمام أحمد بسبب السلس يجب أن لا يفصل بين الصلاتين المجموعتين بفاصل طويل إذا جمعا تقديما حسب رأي المذاهب الأربعة بخلاف ابن تيمية الذي يرى ممكن الفصل لأن الجمع وقتي طالما في وقت الصلاة الأولى صح عنده الفصل الطويل، وكذلك لا يشترط عند ابن تيمية نية الجمع أن تكون مسبقة.
السؤال: هو ماذا عن جمع التأخير لو أخر الظهر لوقت العصر أو المغرب لوقت العشاء، هل يجب عدم الفصل بينهم أيضا عند المذاهب الأربعة أم هذه المرة يتفق قول المذاهب الأربعة مع ابن تيمية ممكن الفصل الطويل بينهم طالما فى وقت العصر أو العشاء باعتبار الأولى قضاء أم يجب أيضا عدم الفصل بينهم؟ وكذلك هل رأي ابن تيمية هو نفسه لا يشترط نية الجمع مسبقا إذا كان جمع تأخير، أنا أجمع الظهر والعصر في وقت إحداهما وأيضا المغرب والعشاء في وقت إحداهما بسبب كثرة عدد مرات التبول، وكذلك بسبب سلس البول الدائم يسألني بعض الأقارب أو الأشخاص عن سبب الجمع عندما أكون معهم وتحضر وقت الصلاة، هل أقول لهم السبب أم لا حتى لا يقتدوا بهذا الرأي إذا كان أحد منهم من أصحاب الأعذار مثلي أنا يشق علي الوضوء لكل صلاة، لكن ربما لا يشق على غيري. هل أنا آثم لو أخبرتهم لأنهم ربما يعملون بهذا القول؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته
من أن الرخصة بالجمع للمعذور بالسلس هو مذهب الإمام أحمد دون سائر الأئمة كلام صحيح، وأما الجمع لكثرة عدد مرات التبول فلا قائل به من العلماء في علمنا. وما ذكرته من أن رأي المذاهب الأربعة اشتراط المولاة بين الصلاتين المجموعتين تقديما خلافا لابن تيمية، وكذا اشتراط نية الجمع فيه ملاحظتان: الأولى: أن الأحناف لا يجيزون الجمع بين الصلاتين أصلا إلا في عرفة ومزدلفة لأجل النسك، والثانية: أن شيخ الإسلام لم ينفرد بالقول بعدم وجوب المولاة بين الصلاتين المجموعتين تقديما ولا بعدم اشتراط نية الجمع، بل قال بعدم الاشتراط في المسألتين جميعا جماعة من أهل العلم، كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 112330.
وأما عن مسألتك فاعلم أن من يجيزون الجمع بين الصلاتين لا يشترط عندهم الموالاة في جمع التأخير وذهب إلى اشتراطها بعض الحنابلة.
قال ابن قدامة: وإن جمع في وقت الثانية جاز التفريق لأنه متى صلى الأولى فالثانية في وقتها لا تخرج بتأخيرها عن كونها مؤداة، وفيه وجه آخر: أن المتابعة مشترطة لأن الجمع حقيقته ضم الشيء إلى الشيء ولا يحصل مع التفريق. والأول أصح. اهـ
وذكر النووي وجها لبعض الشافعية في اشتراط الموالاة ثم صحح عدم الاشتراط واستدل له فقال رحمه الله: والمذهب الأول واستدل له الشافعي والبيهقي وغيرهما لحديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت العشاء فصلاها ولمن يصل بينهما شيئا. رواه البخاري ومسلم. اهـ
واعلم أن من أراد الجمع في وقت الثانية لوجود عذر يبيح الجمع فلا بد من أن ينوي الجمع قبل أن يضيق وقت الأولى عن فعلها لئلا يصير كالمفوت لها عمدا، والظاهر أن شيخ الإسلام يقول بهذا، وكلامه في عدم اشتراط النية إنما هو في جمع التقديم.
قال في حاشية الروض: وعنه لا تشترط النية لجمع التقديم، اختاره أبو بكر والشخ وغيرهما. اهـ فمفهوم كلام ابن قاسم في الحاشية يدل على أن شيخ الإسلام يشترط النية كذلك في جمع التأخير.
وأما عن جمعك بين الصلاتين وتحرجك من إخبار الناس بما لك من العذر، فالذي ننصحك به هو ترك الجمع بين الصلاتين ما أمكن خروجا من خلاف من منع ذلك من العلماء وهم الجمهور، فإنهم لا يعدون الحدث الدائم عذرا مبيحا للجمع. وإذا كنت ترى صحة مذهب أحمد في المسألة أو تقلد من يفتي به، فليس عليك إثم في العمل به، ولا في إخبار الناس بما لك من العذر، وينبغي أن تبين لهم الضوابط الشرعية المبيحة للجمع وتحذرهم من الترخص الجافي والجمع بغير عذر إذا خشيت أن يترخصوا دون موجب للرخصة .
والله أعلم.