الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تصح الصلاة قبل وقتها، والأصل عدم جمع الصلوات إلا لحاجة

السؤال

في بعض البلدان، وبعد تطبيق نظام التوقيت الصيفي، تصبح صلاة المغرب عند الساعة العاشرة ليلاً تقريبًا، وتصبح صلاة العشاء حوالي الثانية عشرة ليلاً، وصلاة الفجر تكون -تقريباً- نحو الساعة الثالثة ليلاً، ويمتد الأمر طيلة خمسة أشهر -تقريبًا- كل سنة. ويشق الأمر خاصة على الطبقة العاملة، التي تعمل من الصباح حتى المساء (من 8 أو 9 حتى 17 أو 18).
وأسئلتي هي كالآتي:
1. بعض المساجد يجمعون صلاة المغرب والعشاء في وقت المغرب. فهل يكتب أجر الجماعة معهم؟
2. بعض المساجد يصلون صلاة العشاء بعد ساعة ونصف من صلاة المغرب، ويؤخرون صلاة الفجر بساعة. هل يكتب أجر الجماعة معهم؟
3. في هذه الحالات هل الأولى أن يصلي المسلم في بيته، أو يصلي مع أحد المساجد؟
4. سمعت أحد الشيوخ يفتي بصلاة المغرب في وقتها، ثم ينام المسلم، ويستيقظ قبل صلاة الفجر فيصلي العشاء، ويصلي ركعات التهجد حتى يدخل وقت الفجر، ثم يصلي الفجر وينام.
هل يجوز هذا؟ وهل يأثم من نام بعد المغرب ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس (إذ يصبح في ذمته صلاة العشاء والفجر)؟
5. يجاهد أحدنا نفسه لصلاة القيام، ويعسر الأمر كثيرًا في هذه الأشهر، إذ نصارع لتأدية الفرائض في وقتها.
فهل قيام الليل في هذه الأشهر يعد من تكليف النفس ما لا تطيق؟
بارك الله فيكم، وجزاكم خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء؛ فنراه غير جائز والحال ما ذكر؛ إذ بقاء الشخص مستيقظاً حتى يصلي العشاء ليس بالأمر الصعب، وكذا يمكنه النوم قبل العشاء ثم يستيقظ ويصلي في الوقت. فإن علم أن النوم يغلبه قبل الصلاة، وأنه لا يستيقظ في وقت الصلاة التالية، فحينئذ يجوز له الجمع فيما رجحه الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-. وانظر الفتوى: 126519

وعلى ما قررناه؛ فالأصل أنه لا يجوز الجمع مع أئمة تلك المساجد، وإنما ينهون عن ذلك، ولا يجمع إلا من دعته الحاجة للجمع، فإن أصروا، فصل المغرب معهم، ثم ارجع إلى بيتك، ولا يجوز صلاة العشاء حتى يدخل وقتها وفق تقويم من التقاويم المعتبرة، وأما فعلها قبل الوقت، فلا تبرأ به الذمة؛ لقوله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء: 103}.

والنوم قبل العشاء وإن كان مكروها في الأصل، لكنه أمر سهل، والمكروه تبيحه الحاجة، فمن احتاج للنوم قبل العشاء على أن يستيقظ في وقتها ويصلي، فلا حرج عليه، ووقت العشاء ممتد عند الجمهور بلا إثم إلى طلوع الفجر، خلافا للحنابلة.

ويسعكم والحال ما ذكر العمل بقول الجمهور، فمن استيقظ قبل الفجر فصلى العشاء ثم انتظر حتى يصلي الفجر، فقد أحسن وبرئت ذمته إن شاء الله، ومن انتظر حتى يصلي العشاء ثم استيقظ لصلاة الفجر قبل طلوع الشمس ولو بعد دخول وقتها بساعة، فلا حرج عليه، وقد برئت ذمته كذلك.

ومن نام بعد المغرب أو بعد العشاء ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس، فليس في النوم تفريط، فليصل ما فاته، ولا إثم عليه.

وأما قيام الليل؛ فهو مستحب لا واجب، فمن تمكن من صلاة ركعات بعد العشاء إن صلاها في أول الوقت ثم ينام، أو قبل الفجر إن صلى العشاء في آخر الوقت، فكل ذلك حسن، والله لا يضيع أجر المحسنين، ومن لم يقم من الليل، فلا إثم عليه، ولا تجب الجماعة في المسجد، بل يمكن أن يصلي الشخص جماعة ولو في بيته، كما بينا في الفتوى: 128394.

والخلاصة أن عليكم أن تسددوا وتقاربوا، وتبحثوا عن أسلم الحلول وأوفقها للشرع وأبعدها عن المخالفة، مستعينين بالله، محتسبين جهدكم وتعبكم في موازين الحسنات، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني