حكم لبس المرأة الثياب المطرزة واللامعة

0 458

السؤال

أرجو إفادتي لأني أمر بحالة توتر شديدة، أنا الحمد لله فتاة متدينة جدا جدا أصلي النوافل و أقوم الليل وأقرأ القرآن، مواظبة على عمل الخيرات، كنت في السابق غير محجبة، وتحجبت و الحمد لله، وواظبت على عمل الخير، وشعرت أن الله ييسر لي الخير، ولكني بفطرتي أحب أن ألبس اللبس الشيك، و في نفس الوقت فضفاض جدا، ومحتشم، ولكن فيه بعض التطريز، والطرحة تكون ساترة و كبيرة، ولكن بها تطريز، وأوقات أختار ألوانا جميلة زاهية لامعة، مع العلم أن البلد التي أعيش فيه يعتبر هذا الشيء غير لافت بل بالعكس عندما نرى الفتاة محجبة ومحتشمة ولبسها شيك جميل وفيه تطريز مثلا نقول لها ما شاء الله عليك محتشمة في نفس الوقت لبسها شيك ومحترم، والذي يلفت نظر الشباب هو البنات السافرات اللاتي لبسهن ضيق، وأنا بعيدة عنهم الحمد لله، و سؤالي هل أنا لبسي خطأ ؟ مع العلم أنه بفطرة المرأة أنها تحب أن تكون (شيك) وجميلة، وفي نفس الوقت أنا لا ألفت نظر الرجال، ولا تكون نيتي هكذا أبدا، ولا أشعر أنني لو مررت على أي مكان فيه رجال أن أحدا ينظر إلي نظرة فتنة، بل أشعر بأنهم ينظرون إلي باحترام، حتى أن شابا كان يريد خطبتي، وكان يقول لي إن أكثر ما هو حلو فيك أنك محتشمة و شيك في نفس الوقت، وعندما أذهب في مناسبة أفراح فإني أيضا ألبس لبس سهرة ولكن محتشم، ولا يظهر تقاسيم جسمي، ولكن لا يخلو من لون لامع وتطريز، لأن العرف في بلدي أن هذه الأشياء عادية جدا بين الناس، ولا تلفت النظر مثل التبرج الآخر، على العكس في بعض البلدان الأخرى، نرى العباءة المطرزة تلفت النظر وتعتبر من الزينة التي تبعث على فتنة، أنا محتارة جدا جدا. و سؤالي هل أنا الآن في معصية لأني ألبس لبس شيك وفيه تطريز؟؟؟؟ السؤال الثاني لو حاولت في المستقبل أن أقلل من تطريز وزينة ملابسي بالتدريج هل الوقت الذي سوف آخذه لأصل لمرحلة الحجاب الشرعي- هل الفترة هذه يكون الله غير راض عني، ولا يقبل دعائي وصلاتي؛ لأني لو علمت أنني على خطأ في حجابي، فأحب أن آخذ أموري بالتدريج حتى لا يغويني شيطاني، فأرجع عن طريقي، فأحب أن أقلل بالتدريج وليس مرة واحدة. فهل الفترة التي سآخذها يكون الله غير راض عني فيها؟؟؟؟ولا يقبل دعائي وصلاتي؟ آسفة للإطالة، و لكن نفسيتي مدمرة و خائفة يكون الله لا يقبل صلواتي ودعائي. وأرجو سرعة الرد أرجوكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله سبحانه أن يزيدك حرصا على دينك وثباتا عليه، وأن يصرف عنك شرور النفس الأمارة وهمزات الشياطين.

وقد سبق أن بينا بالتفصيل صفات اللباس الشرعي للمرأة المسلمة، فيمكنك مراجعتها في الفتوى رقم: 6745.

وأشرنا في الفتوى المذكورة أن من صفات اللباس الشرعي للمرأة ألا يكون زينة في نفسه، فإن كان زينة في نفسه فيمنع منه حتى ولو كان ساترا لجميع بدن المرأة؛ لما فيه من الفتنة وإثارة الغرائز. والمرأة قد نهيت عن كل ما يفتح أبواب الفتنة ويثير الغرائز، حتى نهيت عن أن تضرب برجلها إذا كان ذلك يؤدي إلى كشف المخفي من زينتها كالخلخال ونحوه، فقال تعالى: ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون {النور: 31}

 قال الألوسي: ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين: أي ما يسترنه عن الرؤية { من زينتهن } أي لا يضربن بأرجلهن الأرض ليتقعقع خلاخلهن فيعلم أنهن ذوات خلاخل فإن ذلك مما يورث الرجال ميلا إليهن ويوهم أن لهن ميلا إليهم. انتهى.

وما تذكرين من كون ملابسك مطرزة، وفيها ألوان لامعة زاهية، فهذا لا شك مما يدخل في حيز المنع والحرمة، وقولك إن الرجال في بلادكم لا يلفت أنظارهم هذا النوع من اللباس، وإنما الذي يلفت أنظارهم هي الملابس المتبرجة كلام غير صحيح، فإنك لم تستقرئي آراء الناس وشهواتهم. وكم رأينا من الناس تكون فتنتهم بالمحتشمة المتزينة في لباسها أكثر من فتنتهم بالمتبرجة الكاشفة لمفاتنها.

فينبغي لك أيتها السائلة أن تسارعي بإبدال هذه الثياب بلباس شرعي غير لافت ولا مزين طاعة للرحمن ومراغمة للشيطان وحفاظا على دينك وعفتك.

وأما ما تذكرين من أن المرأة عموما تحب أن تكون جميلة متزينة فهذا مسلم به، ولكن الشريعة المباركة قد جاءت لإخراج المكلف عن داعية الهوى والنفس وتعبيده لله وإلزامه بأوامره وفرائضه، فليس كل ما يريده الإنسان ويطلبه يخلى بينه وبينه، كلا، فهذا لا يكون في هذه الدار، بل التمتع المطلق والراحة التامة الكاملة لها دار أخرى غير هذه الدار، وهي الدار الآخرة، فمن رام الظفر بالنعيم المقيم والراحة الأبدية في جنات النعيم، فلينه النفس عن هواها وليلجمها بلجام التقوى، ولا يخلي بينها وبين شهواتها، قال سبحانه:  وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى  فإن الجنة هي المأوى {النازعات: 40،41}.

على أن الشرع لم يمنع زينة المرأة تماما في الدنيا، بل لها أن تتزين في بيتها ما تشاء أمام محارمها وأمام غيرها من النساء، إذا أمنت الفتنة في كل ذلك، وكذا في بيتها بل يجب عليها أن تبالغ في الزينة لزوجها في البيت بما يرضيه ويكفه عن التطلع لغيرها ممن لا يحل له.

وأما ما ذكرت من صفة الملابس التي تلبسينها في المناسبات والأفراح، فلا حرج عليك في ذلك طالما أنه لا يطلع عليك إلا النساء أو من هم من محارمك، أما اطلاع الرجال الأجانب عليك في ذلك فلا يجوز بحال.

أما بخصوص سؤالك الثاني: وهو أنك تريدين التدرج في ترك هذه الزينة مرة بعد مرة، فنقول: هذا لا يجوز بل الواجب هو أن تسارعي إلى تنفيذ أمر الله وترك المعصية والإقلاع عنها فورا. قال تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين  {آل عمران:133} وقال صلى الله عليه وسلم:  فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، و إذا نهيتكم عن شيء فدعوه. رواه مسلم وغيره.

فقيد – صلى الله عليه وسلم –  جانب الأمر بالاستطاعة، وأطلق في جانب النهي، فيجب ترك المنهي عنه جملة واحدة بلا قيد. قال النووي في شرحه لهذا الحديث: وأما قوله صلى الله عليه وسلم:  وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه  فهو على إطلاقه. انتهى.

ولا شك أن لباس الزينة ممنوع في حق المرأة فيجب حينئذ تركه جملة واحدة.

والله أعلم.

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة