حكم الإسبال وهل يسوغ بدعوى عدم قصد الخيلاء

0 356

السؤال

أسألكم عن المسبل ازاره تحت الكعبين.هل يحرم ذلك عليه ؟ ولماذا استثني سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه من التحريم ؟ وهل من يكون مثل أبي بكر الصديق من المستثنين كذلك ؟ ورجائي منكم ذكر المراجع؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

 فقد اتفق أهل العلم على تحريم الإسبال إذا كان للخيلاء وعدوا ذلك من كبائر الذنوب، واختلفوا في الإسبال من غير خيلاء، وقد سبق أن أصدرنا فتاوى بينا فيها أن القول الراجح عندنا هو التحريم مطلقا، سواء كان بخيلاء أو بغير خيلاء، ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتويين: 21266 ، 3900.

وأما لماذا استثني أبو بكر الصديق رضي الله عنه من التحريم، فنقول: إن فعل الصديق رضي الله عنه لم يدخل في التحريم أصلا حتى يستثنى منه، فالتحريم ورد للمتعمد ذلك، أما أبو بكر رضي الله عنه فلم يكن متعمدا للإسبال وإنما كان بغير قصد منه، ولعذر ليس بيده، وهو نحافة جسم أبي بكر رضي الله عنه، وهذا ما وضحه الحديث نفسه، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة. قال أبو بكر: يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لست ممن يصنعه خيلاء. رواه البخاري ومسلم.

قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث في الفتح: وكان سبب استرخائه نحافة جسم أبي بكر .

قوله: إلا أن أتعاهد ذلك منه. أي يسترخي إذا غفلت عنه, ووقع في رواية معمر عن زيد بن أسلم عند أحمد  إن إزاري يسترخي أحيانا. فكأن شده كان ينحل إذا تحرك بمشي أو غيره بغير اختياره, فإذا كان محافظا عليه لا يسترخي لأنه كلما كاد يسترخي شده . وأخرج ابن سعد من طريق طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر عن عائشة قالت: كان أبو بكر أحنى لا يستمسك إزاره يسترخي عن حقويه. ومن طريق قيس بن أبي حازم قال: دخلت على أبي بكر وكان رجلا نحيفا. قوله: لست ممن يصنعه خيلاء. في رواية زيد بن أسلم: لست منهم ." وفيه أنه لا حرج على من انجر إزاره بغير قصده مطلقا. انتهـى.

ففرق كبير بين من يتعمد إرخاء ثوبه تحت الكعبين، وبين من يسترخي إزاره، ثم يتعاهده ويرفعه.

وأما عن سؤالك: وهل من يكون مثل أبي بكر الصديق من المستثنين كذلك ؟ فالجواب: أن من كان معذورا بعذر نحو عذر أبي بكر رضي الله عنه وكان ثوبه يرتخي منه من غير تعمد، وإذا استرخى رفعه، ولا يستطيع أن يحافظ عليه دائما مرفوعا فوق الكعبين، فهو معذور،لا أن يتعمد إطالة الثوب ثم يقول: أنا لست ممن أفعله خيلاء، فإن أبا بكر إنما زكاه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يشهد لنفسه بذلك، فمن يزكي غير أبي بكر على أنه لا يفعله خيلاء؟!

قال ابن العربي: لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبه ويقول لا أجره خيلاء، لأن النهي قد تناوله لفظا ولا يجوز تناوله لفظا أن يخالفه إذ صار حكمه أن يقول لا أمتثله لأن تلك العلة ليست في فإنها دعوى غير مسلمة, بل إطالة ذيله دالة على تكبره. انتهى من عون المعبود شرح سنن أبي داود حديث رقم:4085.

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله في قوله: لست ممن يصنعه خيلاء: المراد بذلك أن من استرخى إزاره بغير قصد وتعاهده وحرص على رفعه لم يدخل في الوعيد لكونه لم يتعمد ذلك، ولم يقصد الخيلاء ولم يقصد ذلك بل تعاهد رفعه وكفه . وهذا بخلاف من تعمد إرخاءه فإنه متهم بقصد الخيلاء وعمله وسيلة إلى ذلك، والله سبحانه هو الذي يعلم ما في القلوب، والنبي صلى الله عليه وسلم أطلق الأحاديث في التحذير من الإسبال وشدد في ذلك ولم يقل فيها إلا من أرخاها بغير خيلاء. انتهـى من مجلة البحوث الإسلامية الصادرة عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء بالسعودية .

و قد ذكرنا أن الراجح عموم التحريم، وأن التقييد بالخيلاء لا مفهوم له، في الفتاوى المشار إليها في صدر الفتوى فراجعها، وانظر الفتوى رقم: 29002 ففيها بيان أن أبا بكر رضي الله عنه لم يكن مسبلا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة