نصيحة هادية للإمام والمأمومين

0 329

السؤال

نحن مجموعة من الشباب المسلم، نسعى و نبذل قصارى جهودنا في سبيل الالتزام بالسنة النبوية الشريفة في جميع مناحي حياتنا لقناعتنا الراسخة أن خير الهدي هدي رسولنا صلى الله عليه و سلم، ولكن مع الاسف الشديد نقطن ببلدة لازال الجهل متفشيا فيها، وكثرت فيها البدع فيما يخص العبادات وعلى رأسها الصلاة، والتي نبذل جهودنا من أجل القيام بها على أتم وجه وفقا لما كان رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم يفعل، الا أنه توجد عراقيل تحول دون وصولنا لهذا المبتغى بسبب و جود مسجد وحيد بهذه البلدة الآمنة وعلى رأسه إمام يا شيوخنا الأفاضل إمام حسب نظرنا المتواضع لا يفقه حديثا بكون صلاته مليئة بالبدع والعياذ بالله. نتمنى أن تتسع صدوركم لرسالتنا الطويلة لأن الأمر يؤرقنا كشباب غيور على سنة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم. ومن هنا سنقدم لكم و صفا دقيقا و محايدا لما يقوم به إمامنا هذا سامحه الله، كمايلي.* أولا الإمام يقص اللحية ولا يقص الشارب ولا يضع اليمنى على اليسرى. *الإمام لا ينصح ولا يتدخل و لو لمرة واحدة في توجيه المأمومين فيما يختص بتسوية الصفوف لكونه خجولا يستحي من قول الحق، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى عندما تقل الصفوف إلى صفين فإن المأمومين المتواجدين بالصف الثاني فئة منهم تبدأ الصف من اليمين والاخرى من اليسار بحيث يبقى وسط الصف فارغا و الإمام لا يحرك ساكنا، مما دفع أحد منا للتدخل لإرشاد هؤلاء المأمومين إلا أنهم لا يتقبلون و يقولون إن الإمام هو الموجه في هذه المواقف، و عليه قمنا بالاستفسار منه و قال يجب أن يبدأ الصف الثاني من الوسط في اتجاه اليمين واليسار غير أنه عندما نكون داخل المسجد لا يتدخل.*عندما تقام الصلاة يشرع مباشرة في قراءة الفاتحة بحيث لا يترك لنا الفرصة للإتيان بدعاء الاستفتاح و الاستعاذة والبسملة التي هي عوامل تساعد في الخشوع والطمأنينة في الصلاة. وفي السجود و الركوع لا يسمح لنا أن نأتي ببعض الاذكار الثابتة عن الرسول صلى الله عليه و سلم بسب التسرع، و بالتالي غياب الطمأنينة والخشوع.*كما أنه يواظب على سور بعينها بعد سورة الفاتحة وهي كالآتي: التين,الزلزلة,الإخلاص,المعوذتان,الضحى,الطارق,البلد,الشرح,العصر.كأن السور والآيات الأخرى ليست من القرآن. لماذا لا يقرأ بعض الآيات من السور الأخرى؟*بعد التسليم من الصلاة مباشرة يأتي هذا الإمام وبعض المأمومين جهرا بالاستغفار و الأذكار وبالدعاء وبما يسمى الصلاة الفاتحية التي ليست مأثورة عن النبي صلى الله عليه و سلم بل هي بدعة و افتراء على السنة. وهذا ما يترتب عنه فوضى و تشويش للمسبوقين أو الذين يتنفلون أو يأتون بالأذكار المشروعة دبر الصلاة سرا وبصفة فردية. هذا ما نستنكره بعلمنا أن هذه المحدثات غير مأثورة عن النبي صلى الله عليه و سلم. وكمحاولة منا لتصحيح هذه الاوضاع بالنقاش بالتي هي أحسن قمنا باستفسار الإمام الذي هو المسؤول الرئيس عن كل هذه الأمور حيث قال بالحرف الواحد إنه ليس الوحيد الذي يصلي بهذه الكيفية، وأن هناك عددا لا يحصى من الأئمة يصلي بالكيفية نفسها، وقلنا له بكل وضوح إننا كشباب ملتزم بالسنة النبوية لا تهمنا كثرة من يقوم بهذه البدع وأن المهم والأساس عندنا هو الالتزام بالسنة.إلا أنه رغم كل هذه الاستفسارات مع هذا الإمام بغية تغيير الاوضاع، لازال يغض الطرف و يتجاهل ما ناقشنا معه كأننا لم نقل له شيئا. نرجو أن توجهوا له خطابا غليظا فيما يخص النقط المذكورة أعلاه و أن تبينوا له بالحجة و البرهان والأدلة أن ما يقوم به لا يمت للسنة بصلة، وأنه مسؤول أمام الله تعالى عن هذه الرعية و القرية الجاهلة.علما أنه ليس لنا بديل إلا هذا المسجد الوحيد الدي تحول إلى مكان لممارسة البدع وأننا لا نفضل الصلاة فرادى في بيوتنا بأي حال من الأحوال.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله أن يزيدكم حرصا على السنة وتمسكا بها، ونحب أن نوجه إليكم النصح قبل توجيهه إلى هذا الإمام الفاضل هدانا الله وإياه، وذلك أن الحرص على السنة والتحمس في نصرتها أمر حسن، ولكن يجب أن ينضبط هذا الحماس بالعلم الشرعي الذي يعصم من التهور والاندفاع، وإنكار ما ليس بمنكر، كما يجب أن ينضبط هذا التحمس بمزيد من الرفق واللين والرغبة الصادقة في هداية الخلق، فيكون الواحد منكم حريصا على إخوانه ناصحا لهم ساعيا فيما فيه مصلحتهم، لا أن ينصب بينه وبينهم العداء بزعم كونهم من أهل البدع، ولو تحليتم بالرفق واللين والنصيحة الهادئة المهذبة، فلا نشك إن شاء الله في أنكم ستفلحون في تغيير كثير من الأوضاع التي تنكرونها، وننصحكم ألا تعجلوا بالإنكار حتى تتثبتوا من المسألة التي تنكرونها، فمثلا إنكاركم قراءة الإمام للسور -التي سميتموها- غلط منكم، فأي حرج على المسلم في أن يقرأ من كتاب الله ما يتقنه، وربما يكون يقرأ هذه السور لكونه لا يحفظ غيرها حفظا جيدا، ثم إن هذه السور هي التي سمى النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بعضها ونظائرها ليقرأ بها بالناس إذا صلى بهم، كما هو معلوم والحديث في الصحيحين. وإذا كان هذا الإمام يأتي بالقدر الواجب من الطمأنينة في القيام والركوع والسجود، وإنما لا يطيل الإطالة التي تمكنكم من الإتيان بما زاد على القدر الواجب من الأذكار فلا حرج في هذا أيضا، وليس هذا مما ينكر، فإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء، ولعله يفعل ذلك تخفيفا على المصلين لكون بعضهم كبيرا أو مريضا أو نحو ذلك فيكون في فعله هذا متبعا للسنة.

وأما ما يفعله من المخالفات كقص اللحية وإطالة الشارب والتزامه بالأذكار البدعية فناصحوه فيها برفق ولين، وسيستجيب إن شاء الله، فإن لم يستجب فضرر مخالفته عليه، وليس عليكم من ذلك شيء،

وما يتركه من السنن كترك القبض وترك دعاء الاستفتاح والتعوذ والبسملة عند من يقول إنها ليست من الفاتحة، فلعله يتبع مذهبا من مذاهب أهل السنة في هذه الأمور، وبالتالي فذلك لا يبطل الصلاة، ولا يستأهل منكم المبالغة في الإنكار والذم، ولكن فقط يستدعي منكم البيان بالتي هي أحسن، وأن المذهب الذي يتبعه في هذه الأمور مرجوح، ودليل غيره فيها أرجح من دليله، فلعله يستجيب فيتحقق المقصود بإذن الله، والظاهر أن هذا الإمام فيه خير بدليل أنكم لما سألتموه عن مسألة تسوية الصفوف أجاب فيها بالصواب، فعليكم أن تستغلوا هذا الجانب من الخير فيه، ولا تتخذوه عدوا، بل اقتربوا منه، وحاولوا تأليفه على السنة. وفقكم الله لما فيه الخير.

وإلى هذا الإمام نقول : أنت على ثغر فلا تضيعه، وأنت القدوة للناس في بلدك، والأمانة كبيرة، والمسؤولية عظيمة، والتبعة بين يدي الله ثقيلة، فكن على قدر المسؤولية، واجعل همك أن يرضى عنك الله، إذا قمت بتبليغ دينه على الوجه الذي يرضاه، فلا تخش في الله لومة لائم، وأرض الله ولو سخط الناس، فالله أحق أن يستحيى منه من الناس. واعلم أن الله سيرضيهم عنك، ويعصمك من السوء. وعظم سنة النبي صلى الله عليه وسلم وجانب البدع والمحدثات، فإن كل أمر لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو رد، وأحسن الهدي هديه صلى الله عليه وسلم . قال تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم. فقراءة الأذكار في جماعة، وما يسمى بالصلاة الفاتحية، كل هذا من البدع والمخالفات، فلا يليق بك أن لا تغيرها وأنت قادر على هذا، فتكون قد أحييت سنة وأمتت بدعة، وأنعم بهذا من فضل، جعلك الله من أنصار السنة. 

واعلم أن الحق لا يضره قلة أتباعه، بل ذلك منقبة لأهل الحق أن يتمسكوا به في زمن إعراض الناس عنه.

 قال الفضيل رحمه الله: اسلك سبيل الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين. وفقنا الله وإياكم لما فيه الرشاد.

ملحوظة: نرجو من الإخوان أن يطلعوا الإمام على الفتوى كاملة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة