السؤال
ما معنى المعبود وهل غير الله معبود؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعبادة في اللغة: الخضوع والتذلل، وقد تستعمل بمعنى الطاعة، وفي الاصطلاح ذكر العلماء لها تعريفات، أجمعها قولهم: هي اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، وقد سبق بيان ذلك مع بيان أن العبادة تشمل جميع مناحي الحياة وذلك في الفتوى رقم: 4476.
وعليه فالمعبود هو الإله المطاع، سواء كان بحق أو بباطل، ولذلك كان المعنى الصحيح لـ (لا إله إلا الله) هو: لا معبود بحق إلا الله، فتفسير بعضهم لـ (لا إله إلا الله) بـ لا معبود في الوجود إلا الله باطل، لأنه يناقض الواقع، ففي الوجود آلهة كثيرة تعبد من دون الله، ولكنها تعبد بغير حق، كما قال الله تعالى عن المشركين: أجعل الآلهة إلها واحدا.. {ص:5}، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: قوله تعالى: لا أعبد ما تعبدون.. ولا أنتم عابدون ما أعبد.. معناه المعبود، ولكن هو لفظ مطلق يتناول الواحد والكثير والمذكر والمؤنث، فهو يتناول كل معبود لهم، والمعبود هو الإله، فكأنه قال: لا أعبد إلهكم ولا تعبدون إلهي.. واسم الإله والمعبود يتضمن إضافة إلى العابد. انتهى.
فغير الله قد يكون معبودا ولكنه يعبد بغير حق، ولذلك كثر في القرآن ذم الله لأهل الكفر بأنهم يعبدون من دونه ما لا يستحق العبادة، كما قال تعالى: ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم وما للظالمين من نصير. {الحج:71}، وقال: ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا. {الفرقان:55}، وقال: ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون. {النحل:73}، وقال: قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم. {المائدة:76}، هذا بخلاف العبودية العامة، التي هي عبودية القهر والملك لله رب العالمين، وهي التي يوصف بها كل موجود سوى الله، حتى الحيوانات والجمادات، كما قال الله تعالى: إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا. {مريم:93}، وقال سبحانه: ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون. {النور:41}، وقال تبارك وتعالى: تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا. {الإسراء:44}.
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 104030، وراجع للمزيد من الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51943، 76470، 98290، 114831.
والله أعلم.