الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الكفر والكفار موجودون منذ خلق الله إبليس

السؤال

عندي مشكلة كبيرة لا أعرف كيف أحلها، ومشكلتي هي الناس الكفار الذين لا يؤمنون بربنا -والعياذ بالله-، ولا أحب أن أكتب اسمهم، لكنهم أهل الدهرية الزنادقة المكذّبون بآيات الله ورسوله، وهؤلاء الناس انتشروا كثيرًا، وهم حولنا في كل مكان وكل زمان، وكنت أسمع أنهم أجانب، لكني الآن مصدوم من هؤلاء الناس الجاحدين، وأفكارهم الضلالية، وشبهاتهم التي أثّرت في كثير من العرب، فأصبح بعضهم كفرة، وأعدادهم تزيد في معظم البلاد العربية؛ لدرجة أن هناك الكثير من الناس المرتدين حولنا، ويتفاخرون بذلك علنًا، من غير أن يطبق أحد عليهم حكم الردة.
أنا منذ أكثر من خمس سنين في حالة اكتئاب بسبب هذا، وهناك ألم كبير في داخلي، وهواجس -والعياذ بالله-، فهل هؤلاء الناس كانوا موجودين قديمًا أم ظهروا الآن؟ وكيف تطاوع هؤلاء الناس قلوبهم على الكفر؟ وأنا مقهور، وأتمنى أن يوحِّد الناس كلهم اللهَ تعالى ويخافوه، لكني أرى من يرتد عن دينه، ويستهزئ بآيات الله ورسوله من غير رادع، والمصيبة أنهم كانوا مسلمين وكفروا، وكثير منهم شواذ يرتكبون كل المعاصي.
أريد حلًّا لمشكلتي، وأكثر ما يؤلمني خوفي على ديني، وهذا الموضوع أصبح يظهر على الجرائد والتلفاز، وهناك ناس كثيرون يدافعون عنهم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالكفر والكفار موجودون منذ خلق الله إبليس -لعنه الله-، وقد توعد إبليس بني آدم بأن يغوي من استطاع منهم، وأن يقعد لهم صراط الله المستقيم، وأن يأتيهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم.

ولو تدبرت القرآن لرأيت فيه قصص المكذبين والجاحدين مع النبيين والمرسلين -عليهم صلوات رب العالمين-، فليس ما يحصل في زماننا بدعًا من الأمر، ولله عز وجل في إيجاد هؤلاء الكفار من الحكمة التي خلقهم لأجلها أمر عظيم، قد أوضحنا طرفًا منه في الفتوى: 183095، وذكرنا الحكمة من خلق إبليس في الفتوى: 183595.

فلو تدبرت هذه الحكم زال عنك ما تجده من الضيق، ويحمد لك حرصك على انتشار الدِّين، وشفقتك على أهل الأرض، ورغبتك في أن يكونوا جميعًا موحدين.

وعليك أن تبذل وسعك في الدعوة إلى الله تعالى، ومحاربة الأفكار المنحرفة، ثم لا يضرك بعد ذلك من حاد عن الطريق، فقد نهى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن إهلاك نفسه حزنًا على هؤلاء الكفار، فقال له: فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ{فاطر:8}، وقال: لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ {الشعراء:3}، إلى غير ذلك من الآيات.

وراجع للفائدة، الفتويين: 12883، 266185.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني