السؤال
فضيلة الشيخ: نشأ خلاف بيني وبين زوجتي، وصفعتها بالقلم وبعدها صالحتها، وكانت في حالة نفسية سيئة، وأصرت على أن أحلف لها على المصحف وأقسم بالله أن لا أفعل ذلك ثانية (أضربها ) جدا أو هزلا، وإذا فعلت تكون طالقا مني، وقد فعلت وقلت لها إنها تكون طالقا مني إذا ضربتها مرة أخرى جدا أو هزلا، ولا أتذكر نيتي وقتها، هل كان طلاقا فعلا أم كان لعدم الفعل ثانية، علما بأنني رفضت هذه الفكرة في بادئ الأمر لتهديدها لحياتنا الزوجية، وفي مرة داعبتها ( ضربتها ) بالحزام، وأنا أرتدي الملابس فآلمتها فهل يقع الطلاق؟ علما بأنني كنت ناسيا ؟ وهل إذا احتسبت طلقة يكون هذا الشرط قد سقط إذا أرجعتها إلى عصمتي حيث إنني قلت تكون طالقا مني إذا ضربتها ولم أحدد كم مرة بمعنى أنه قد سقط هذا اليمين بوقوع الطلاق. وهل هذا لا يقع باعتباري قد أجبرت وأكرهت على هذا لمصالحتها. ولسيادتكم وافر الشكر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالظاهر أنك قد أقسمت على عدم ضرب زوجتك، وإن فعلت ذلك طلقت منك، وقد أقدمت على ضربها نسيانا فتحنث عند بعض أهل العلم وهم الحنابلة وعلى القول المشهور عند المالكية خلافا للشافعية وبعض المالكية، ففي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع الحنبلي: فكمن حلف على مستقبل لا يفعله وفعله ناسيا يحنث في طلاق وعتق فقط لا في يمين الله تعالى لما تقدم. انتهى.
وقال المواق في التاج والإكليل وهو مالكي: ابن بشير: مذهب مالك وأصحابه أن الناسي يحنث بنسيانه. ورأى بعض المتأخرين من محققي الأشياخ نفي الحنث كمذهب الشافعي، وقد أرادوا تخرجه من المذهب. وقال ابن عرفة: المذهب أن النسيان كالعمد، واختار ابن العربي والسيوري خلافه. انتهى.
وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي أيضا: يعني أن الحالف إذا خالف ما حلف عليه بالفعل أو الترك فإنه يحنث، سواء وقعت منه المخالفة عمدا أو خطأ أو جهلا أو نسيانا على المشهور، حيث أطلق في يمينه بأن لم يقيد بعمد لقوله تعالى: ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم {المائدة: 89} انتهى.
وفي أسنى المطالب ممزوجا بروض الطالب الشافعي: متى علقه بفعله شيئا ففعله ناسيا للتعليق أو ذاكرا له مكرها على الفعل أو مختارا جاهلا بأنه المعلق عليه لم تطلق لخبر ابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم: أن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. أي لا يؤاخذهم بها ما لم يدل دليل على خلافه كضمان المتلف فالفعل معها كلا فعل. انتهى
وعلى القول بالحنث هنا فتلزمك كفارة يمين بالله تعالى، لأنك قد أقسمت بالله وحنثت إضافة إلى وقوع الطلاق عند الجمهور بمن فيهم المذاهب الأربعة، وهو القول الراجح كما تقدم في الفتوى رقم: 19162.
ولك مراجعة زوجتك قبل انقضاء عدتها إذا كانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية، وما تحصل به الرجعة قد تقدم بيانه في الفتوى رقم: 30719.
وإذا راجعتها فقد انحلت يمينك، ولا يقع الطلاق بمجرد ضربها بعد ذلك إذا كانت صيغة يمينك لا تفيد التكرار مثل قولك إذا ضربتها كما قلت.
قال ابن قدامة في المغنى: وجملته أن من قال لزوجته: إن خرجت إلا بإذني، أو بغير إذني، فأنت طالق. أو قال: إن خرجت إلا أن آذن لك، أو حتى آذن لك، أو إلى أن آذن لك. فالحكم في هذه الألفاظ الخمسة، أنها متى خرجت بغير إذنه، طلقت، وانحلت يمينه، لأن حرف " أن " لا يقتضي تكرارا، فإذا حنث مرة، انحلت، كما لو قال: أنت طالق إن شئت. انتهى.
مع التنبيه على أن ضرب الزوجة يجوز بضوابط شرعية معروفة تقدم بيانها في الفتوى رقم: 110368.
والله أعلم.