السؤال
أحيــكم بأطــيب التحيات، أنا أعيش في بلد -أفغانستان- أهلها متمسكون بمذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالي تمسكا حادا وشديدا، ولا يعملون إلا بفتوى من المذهب الحنفي سواء كانوا أهل العلم أو عامة الناس، والمسألة التي غالبا نقع فيها في حيرة ومشكلة كل عام في شهر رمضان والعيدين هي مسألة رؤية الهلال واختلاف المطالع إلى درجة، ناهيك عن مستوى البلد أو المحافظة، أو المديرية، بل في قرية واحدة في بعض البيوت يفطرون والبعض يصومون، بعضهم يضحون الأضاحي والبعض يؤجلونها لليوم التالي، طبعا لا يبالون بالحكومة لأنها تحت ظل الاحتلال. اذا نرجو من سماحة المشايخ والسادة المفتين حفظهم الله أن يفيدونا بقول راجح في المذهب، وأن يكون قريبا لجمع كلمة المسلمين وبعيدا عن الخلاف حتى نقنعهم، وتكونون سببا لجمع كلمة المسلمين، ونحن نبلغهم إن شاء الله تعالى.
فجزاكم الله عنا وعن كافة أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الجزاء -لو تكرمتم بتعجيل إرسال الجواب.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في ذكر مذاهب الفقهاء في مسألة اختلاف المطالع كما في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 6636، 2536، 55632، 56512.
والقول المفتى به عندنا والمرجح لدينا هو أنه لكل بلد رؤيته اعتبارا باختلاف المطالع، وقد أفتى بالعمل بذلك المجمع الفقهي التابع لمنظة المؤتمر الإسلامي وغيره، وهذا القول مخالف لقول الحنفية والجمهور، فإذا كان الناس في بلدكم يتحرون رؤية الهلال ولا يعتمدون على الحساب الفلكي فليعملوا بما ظهر لهم، فإن رئي الهلال في بلدكم أو في بلد مجاور يتفق معكم في مطلع القمر فصوموا، وإن لم ير الهلال في بلدكم ولا في بلد يتفق معكم في مطلع القمر فأتموا عدة شعبان، لأن المقصود باعتبار اختلاف المطالع هو الاتفاق في مطلع القمر، وليس المقصود بذلك الاتفاق في حدود الدولة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 29107. قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى: .. إذا رآه أهل المشرق وجب على أهل المغرب المساوين لهم في الخط أن يصوموا، لأن المطالع متفقة.
وإذا رئي في بلد آخر لا يتفق معكم في مطلع القمر وكان قول الجمهور هو السائد في بلدكم فليعملوا به وليصوموا بناء على رؤية ذلك البلد، وجمع الكلمة على هذا القول خير من التفرق على غيره بحيث يصوم بعض أهل البيت الواحد ويفطر بعضهم، وإذا أوكلت الدولة مهمة تحري الهلال للعدول من الناس فإن كون الدولة تحت الاحتلال هذا لا يبرر عدم الاعتماد على شهادة العدول، وإذا أوكلت تلك المهمة لغير العدول فينبغي لأهل العلم أن يتولوا هم تلك المهمة، هذا ما ننصحكم به، وينبغي لأهل العلم أن يجمعوا الناس على كلمة الحق والعمل بالشرع من غير عصبية ومخالفة لنصوص الشرع، وانظر لذلك الفتوى رقم: 108984. والفتاوى المرتبطة بها.
والله أعلم.