الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنريد أن ننبه أولا إلى أننا لا نعلم دليلا على استحباب صلاة أربعين يوما في أول الوقت، وإن كانت الصلاة في أول الوقت أفضل مطلقا؛ إلا ما استثني كالظهر عند اشتداد الحر، والعشاء إذا لم يشق تأخيرها.
قال الشيخ العثيمين: الصلاة في أول وقتها أفضل من الصلاة في آخر وقتها، فتقديمها في أول الوقت من باب الأفضل وليس من باب الواجب. انتهى.
ولعلك قد استنبطت هذا من حديث أنس عند الترمذي : من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق.
أو انصرف وهمك إلى هذا الحديث، والفضيلة المذكورة في هذا الحديث -كما هو واضح- لا تحصل إلا لمن صلى أربعين يوما في جماعة يدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام.
ويرى بعض أهل العلم أن الفضل المذكور في صلاة الجماعة مختص بالرجال. قال ابن رجب: وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي خرجه البخاري: صلاة الرجل في الجماعة تضعف، وهو يدل على أن صلاة المرأة لا تضعف في الجماعة ؛ فإن صلاتها في بيتها خير لها وأفضل. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: التضعيف الحاصل في صلاة الجماعة يختص بالرجال ؛ لأنهم هم المدعوون إليها على سبيل الوجوب, ولهذا كان لفظ الحديث: صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا. وعلى هذا ؛ فإن المرأة لا تنال هذا الأجر. انتهى.
وذهب بعض العلماء إلى العمل بعموم الأحاديث، وأن النساء إذا صلين في جماعة حصلت لهن فضيلة الجماعة، قال في حاشية الروض تعليقا على قول الماتن: (وتسن لنساء منفردات عن رجال) إذا اجتمعن، على الصحيح من المذهب، وعليه جمهور الأصحاب، وهو مذهب الشافعي، سواء كانت إمامتهن منهن، أو لا، لفعل عائشة، وأم سلمة، رواهما البيهقي وغيره، بإسنادين صحيحين، ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم لأم ورقة أن تجعل لها مؤذنا، وأمرها أن تؤم أهل دارها، رواه أحمد وأهل السنن، ولأنهن من أهل الفرض، أشبهن الرجال فيدخلن في عموم: تفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، بسبع وعشرين درجة. قال ابن القيم: لو لم يكن في المسألة إلا عموم قوله: تفضل صلاة الجماعة... الحديث لكفى. انتهى.
وإذا كان الأمر كذلك ، فإن المرأة إذا حرصت على الصلاة في بيتها في جماعة، وداومت على ذلك مدة أربعين يوما تدرك التكبيرة الأولى، يرجى أن يشملها الفضل الوارد في هذا الحديث، وفضل الله عز وجل واسع.
ثم إنها إذا حاضت كانت ممنوعة من الصلاة من قبل الشارع، فيرجى ألا تحرم هذا الفضل بإذن الله.
ثم اعلمي أن صلاتك في بيتك خير لك وأولى بك، وإذا حافظت على الصلاة في وقتها رجي لك مزيد الثواب والأجر إن شاء الله، وانظري الفتوى رقم: 81088.
وفيما ذكر جواب عما تستشكلينه من أمر الحيض إذا جاءك قبل كمال الأربعين، وقد علمت أنه لا دليل على استحباب صلاة الأربعين بالتحديد في أول الوقت، وأنه على التقدير الآخر فإن الحيض لا يقطع التتابع.
وأما تركك الصلاة متوهمة أن الحيض ما زال باقيا، فلا وجه له وليس له ما يسوغه، فإن علامة الطهر واضحة وهي: إما الجفوف، وإما القصة البيضاء، فأيتهما رأتها المرأة أولا فقد لزمها أن تغتسل وتصلي، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : ولا يحل لها إذا رأت الطهر ساعة إلا أن تغتسل. رواه أبو داود.
وانظري الفتويين رقم: 118817، 117816.
فعليك متى رأيت الطهر أن تغتسلي، وتوبي إلى الله مما قصرت فيه من قبل.
والله أعلم.