السؤال
أرجو من فضيلتكم التكرم بإجابتي على أسئلتي الآتية، حيث إني في أمس الحاجة إلى مساعدتكم بسرعة الإجابة:أنا فتاة أبلغ من العمر 35 سنة.
أولا: تزوجت من رجلا مسلم لديه حق الإقامة والعمل في بلد أجنبي لمدة عامين، وحدثت بيننا خلافات أدت إلى طلبي الطلاق وإصراري عليه، فطلقني شقهيا منذ ثلاث سنين دون توثيق الطلاق لرغبتي في الحصول على جنسية البلد الأجنبي، خاصة بعد حصوله هو عليها حيث أستطيع التقديم للحصول عليها الآن، ولكن يشترط أن أقيم هناك لمدة سبعة أشهر قبل التقديم، وأنا أعتزم السفر إلى هناك وسأعيش بمفردي تلك المدة، فأنا بحاجة أن أعرف أولا حكم سفري وإقامتي هذه المدة هناك؟
ثانيا: لقد تعرفت أثناء سفري السابق على شاب مسلم عربي من غير جنسيتي ملتزم دينيا وهو الذي شجعني على ارتداء الحجاب، يقيم هناك ولكنه كان متزوجا قبل أن يلتزم دينيا زواجا صوريا من أجنبية من ثلاث سنوات للحصول على الجنسية بعد الاتفاق معها على ذلك، وهو يقيم بمفرده ولديه الحق الآن في التقديم على الجنسية، وهو يعتزم تطليقها بعد حصوله عليها، وقد اتفقت أنا وهو على الزواج الشرعي بدون توثيق لكي يستطيع الحصول على الجنسية وأستطيع الحصول عليها أيضا. فما الحكم في هذا الزواج الشرعي بدون توثيق؟
ثالثا: لقد توفي والدي وكل أعمامي خارج البلاد وليس لدي إخوة رجال. فمن يكون الولي لي عند النكاح؟رابعا: أخواتي غير بارات بأمي وهي سيدة كبيرة في السن، وأنا التي كنت أرعاها. فما الحكم إن تركتها وسافرت سواء لأنني تزوجت أو لأحصل على الجنسية، والتي ستكون فترة مؤقتة، علما بأنها غير مرحبة بهذا الشاب لأنني سأسافر معه وسأتركها، ولأنه لم يكمل تعليمه الجامعي، علما بأنها لا تعلم بقصة زواجه الصوري الحالية؟خامسا: اشترطت أمي لتوافق على نكاحي ضرورة حضور هذا الشاب إلى بلدي لكي تراه أولا ثم يتم الزواج الشرعي وقد اتفقت معه على ذلك، ولكن ظروفه المادية الآن وظروف عمله لا تسمح له بالمجيء إلى أمي، ويطلب مني السفر لإتمام زواجنا هناك بالمسجد. فما الحكم إذا فعلت ذلك؟ فهل سأكون قد أغضبت وعققت أمي حيث إنني أخاف الله فيها ولا أريد إغضابها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أيتها السائلة أنه لا يجوز للمرأة طلب الطلاق من زوجها إلا لحاجة معتبرة ككون الزوج لا يوفيها حقها من النفقة أو المعاشرة، أو يؤذيها بنحو السب والضرب بلا جناية منها، إلى غير ذلك من الأسباب التي سبق بيانها في الفتوى رقم: 116133.
أما سفرك هذا فإنه لا يجوز بدون محرم، على ما بيناه في الفتوى رقم: 3420.
وأما نفس الإقامة في بلاد الغربة فلا يشترط فيها المحرم، إلا أنه ينبغي التنبه إلى أن هذا البلد الذي تريدين السفر إليه إذا كان بلدا غير إسلامي -كما هو الظاهر- فإنه لا يجوز لك الإقامة فيه لما ثبت من نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك على ما بيناه وذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 7930، 2007، 114297.
ويستثنى من ذلك من كانت به حاجة شديدة لمثل هذه الإقامة وغلب على ظنه السلامة من الفتن، وكان قادرا على إظهار شعائر الدين، ولا نرى فيما ذكرت حاجة شرعية معتبرة، فإن الحصول على الجنسية من هذه الدول الاصل فيه المنع، ولا يجوز إلا لتحقيق مصلحة أو دفع مفسدة لا تتحقق إلا بذلك، وقد بينا ذلك في الفتويين رقم: 51281، 26795.
وأما الزواج فإنه إذا تم مستوفيا شروطه وأركانه الشرعية المبينة في الفتوى رقم: 1766. فإنه صحيح حتى ولو لم يتم توثيقه، ويراجع في ذلك الفتوى رقم: 5962.
أما بخصوص الأولياء فقد سبق بيان ترتيبهم في الفتوى رقم: 22277.
وسفر أعمامك لا يمنع من قيامهم بتولي عقد الزواج، فمن الممكن أن يأتي أحدهم من سفره أو يوكل من يتولى عقد الزواج نيابة عنه، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 105204.
أما بخصوص ما ذكرت من ظروف أمك، فإنا نوصيك أن تقدمي مصلحتها دائما فحقها عليك عظيم وهي أحق الناس بصحبتك، فإن كان زواجك هذا لا بد معه من السفر -كما هو الظاهر- وهي تأمرك بتركه لما سيترتب عليه من مفارقتك لها وتعرضها للأذى نظرا لكبر سنها وعقوق بناتها فهنا يجب عليك طاعتها.
قال الصنعاني في سبل السلام عازيا للبلقيني: العقوق أن يؤذي الولد أحد أبويه بما لو فعله مع غير أبويه كان محرما من جملة الصغائر فيكون في حق الأبوين كبيرة، أو مخالفتهما في سفر يشق عليهما وليس بفرض على الولد. انتهى.
ويمكنك أن تستعيضي عن هذا بالزواج من زوج مقيم في بلدكم بحيث لا تنقطعين عن رعاية أمك والسؤال عنها.
مع التنبيه على أن اعتراض الأم على زواج ابنتها برجل لمجرد كونه غير حاصل على شهادة جامعية اعتراض في غير محله فإن هذا غير مؤثر ما دام الرجل صاحب دين وخلق.
والله أعلم.