السؤال
قد سألت سابقا عن موضوع خطبتي، وأني أقيم بالخارج وخطبت قبل سفري ب 3 أو4 أيام في الاستشارة رقم:2215210. ونسيت أن أذكر أني شكلا لم أقتنع بالعروسة مع أن الجميع يقول إنها جميلة، لكن اقتناعي بها كان على أساس الدين والأخلاق، والأهل، فشخصيتي كمسلم تجعلني أبحث عن زوجة تعمر بيتا وتربي أطفالا، والجمال يكون في آخر المراتب. لكن سؤالي هنا: عندما كنت أتناقش معها أجدها حاليا بها أحد العيوب المعروفة عن المرأة في الإسلام وهي العند، والمخالفة، وهو ما بدأت أشعر به منها مثلا عندما أقول لها: اسألي في المواقع الإسلامية عن حدود الله بيننا وما هو الصح من الخطأ ،يجب أن نكون قريبين في الله، مع العلم والحمد لله أننا مجتمعون على الصيام في يوم واحد، و قراءة القرآن وحفظة سويا فقد ختمناه قراءة مرتين حتى الآن والحمد لله، ودعاء، وعبادة وما إلى ذلك لنكون في من يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله، ونجتمع على حب الله. الخلاصة أني لا أعيب عليها في شيء فهي أيضا حافظة لأجزاء من القرآن، مع علمي أيضا أن كل ما سبق وأشرت إليه يعتبر من حماسة أو لذة الارتباط في أوله، ومن الممكن أن يقل أو يفتر فيما بعد، أو بعد الزواج نفسه، لكن ما يحيرني الآن أمران:
أولا: كلما فاتحتها في موضوع كتب الكتاب وقت ذهابي إجازة في المرة القادمة، وتكون الدخلة بالإجازة التالية، علما بأن الشقة ستكون جاهزة بإذن الله، لكن المشكلة في مواعيد التسليم من المقاول والحمد لله يعتبر الأمر ميسرا نسبيا وليس هناك عوائق مادية بأمر الله، لكنها تقول إن أهلها سيخافون من هذا الأمر بالإضافة أنها تشعرأننا لم نتآلف بالشكل المرغوب بالنسبة لها، وعندما أرسلت لها فتوى الموقع شعرت أنها لم تضعها في حساباتها في تكوين رأيها وهو ما أقلقني، لأن في ذلك نواة لعدم الالتزام بالدين. الأمر الثاني الذي أقلقني: عندما أناقشها في الفترة الأخيرة أجدها تقلب النقاش إلى جدال، وعندما أقول لها اسألي بالمواقع الإسلامية أو شخصا ممن حولك يعرف الدين كشيخ مسجدك أو شيء من هذا القبيل تقول أنا لدي عقل أفكر به، وأنا أعرف الصح من الغلط، ولست محتاجة لأن أسأل أحدا، وأنا لست مقتنعة بالسؤال على النت لأنه يتأخر، ولأني لا أستطيع التواصل مع من أمامي لأني لا أراه، وهو الأمر الذي أقلقني، فالمرأة من عيوبها أنهن تكفر العشير، ومخلوقة من ضلع أعوج، وما يصلح ويغلب على هذه المشكلة هو الدين وهو ما أجده بها، فهي تجادلني وتخالفنني لمجرد الخلاف في الرأي، أو لتصميمها على أنها الصح في أمر استشارة عقلها على استشارة أهل الدين، وإن كان الاحتمال الأول فهو مؤشر لخطر أو شيء خطأ، أو الاحتمال الثاني فهو مؤشر أخطر، ومن الممكن لو لمست أنها لا تضع الدين في حسبانها في تكوين وجهة نظرها من الممكن أن أتراجع في خطبتي منها لهذا السبب.
لذا أرجو منكم إجابتي بتفصيل وعدم استخدام ألفاظ لغوية فصحى أكثر من اللازم، والإسراع في الرد؟ مع اعتذاري للإطالة والمغالاة في السؤال لكني فعلا في حيرة من أمري وأود أن أفهم وأعرف ماذا أفعل؟ لذا أرجو منكم الإسراع في الرد لسرعة اتخاذ قرار مناسب مع هذا الأمر لأنه بناء على فتواكم سأستطيع تكوين رأي كامل؟ ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فابتداء ننبهك أيها السائل الكريم إلى أنه لا يجوز لك الاسترسال في العلاقة مع خطيبتك بهذه الطريقة التي تذكر حتى ولو كان ذلك في مجال الطاعة والتعاون على البر والتقوى، وذلك لأنها ما زالت أجنبية عنك، طالما أنك لم تعقد عليها، والانبساط في العلاقة مع المخطوبة بجانب كونه من المحظورات الشرعية، فهو أيضا له آثاره السيئة وعواقبه الوخيمة، وهذا قد أشبعناه كلاما في عشرات إن لم يكن مئات الفتاوى على الموقع.
أما ما تتذرع به خطيبتك من أنها وأهلها لن يوافقا على عقد الزواج فترة الإجازة بحجة أنه لم يحدث تعارف كاف بينكما، فهذا كلام مبني على فهم خاطئ، ولو أنهم فقهوا أن المرأة في فترة الخطوبة أجنبية عن زوجها وأنه لا يجوز لها أن تنبسط إليه في العلاقة لأدركوا أن تطويل أمد الخطبة لن يحقق لهم ما يريدون، بالإضافة إلى أن فترة الخطوبة هي في الغالب فترة تجمل وتودد، وكل واحد من الخاطبين إنما يحرص على إظهار أفضل ما لديه من خلق وإخفاء جميع عيوبه وسيئاته، وقد أرشدناك في فتوانا السابقة إلى استحباب تعجيل العقد وعدم تطويل فترة الخطبة.
أما ما تزعمه هذه الفتاة –هداها الله - من عدم حاجتها لسؤال أهل العلم لأن الله وهبها عقلا، فهذا الكلام إنما يدل على جهل بأحكام الله وغفلة عن أوامره، فإن الله سبحانه لم يجعل العقل مشرعا ولا هاديا لتفاصيل التكليف، وإنما يعرف ذلك من الأنبياء وما أرسلوا به من البينات والزبر، ثم بسؤال ورثتهم من بعدهم وهم العلماء قال تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. {النحل: 43}.
قال القرطبي رحمه الله: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده فيسأله عن نازلته فيمتثل فيها فتواه، لقوله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. {النحل: 43}. وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. انتهى.
وإلا فلماذا لا تستغني بعقلها عن سؤال أهل الطب إذا ألم بها مرض، ولماذا لا تستغني بعقلها عن سؤال أهل الهندسة إذا أرادت تشييد بناية ونحوها، ولكن الدين هو المطية السهلة عند كثير من الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وإذا كان الاستفتاء عبر المواقع الالكترونية يسبب لها بعض الحرج نظرا لتأخر الفتوى، أو عدم قدرتها على التواصل مع أهل العلم، فيمكنها أن تقصد أهل العلم مباشرة بالسؤال فتشافههم بالسؤال، أو تتواصل معهم بالهاتف ونحوه من وسائل الاتصال وهذا في غاية اليسر لمن شرح الله صدره للدين.
والذي ننصحك به هو أن تقف معها وقفة صريحة عند أول لقاء بها وفي وجود بعض محارمها، ثم تصارحها بما لديك من هواجس بشأن ما ذكرت من حديثها، وأن تبين لها خطأ تفكيرها هذا، وتعلمها أنه لا ينال عبد حقيقة الإيمان حتى يحكم الله ورسوله في كل أموره دقيقها وجليلها، فإن استجابت لك في ذلك وأذعنت لما تقول ورضيت بالشرع حكما ومرجعا، فأخبرها ووليها برغبتك في إتمام العقد وأنك لن تأتي إليهم بعد ذلك لأنه لا يجوز لك تكرار اللقاء بها بغير حاجة، فإن أجابوك فأتمم عقد الزواج على بركة الله، وإن طلبوا منك إمهالهم فالأمر إليك فإن شئت وافقتهم بشرط ألا يحملك طول أمد الخطبة على انتهاك محارم الله، وإن شئت انصرفت عنهم.
أما إن ظهر عدم استجابتها لك أصلا، وأنها معرضة عما تعظها به، فعليك أن تنصرف عنها وتبحث عن غيرها من ذوات الخلق والدين.
والله أعلم.