السؤال
كنت مهملة لأمور الزكاة ودفعها، حتى في يوم من الأيام جاء لص وسرق كل أموالي ومجوهراتي، وعندما سألت شيخا قال: هذا لأنك لم تدفعي زكاة مالك، ومنذ ذلك الحين وأنا أدفع الزكاة حولا بحول، ولكن مايؤرقني هو هل يجب علي شيء في الاعوام التي مضت، ولم أدفع فيها الزكاة؛ ليغفر الله لي؟ أم أن عقابه بسرقة أموالي هو تكفير لذنبي بحد ذاته؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله الذي من عليك بالتوبة من هذا الذنب العظيم، فإن منع الزكاة من الكبائر الموبقات والعياذ بالله، وهو موجب لسخط الله وعقوبته العاجلة والآجلة.
قال الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم*يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون { التوبة :35،34}
وقال صلى الله عليه وسلم : ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا اذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبهته وظهره، كلما بردت أعيدت عليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي الله بين العباد .أخرجه مسلم .
ولعل ما ذكره هذا الشيخ من كون ما أصابك من سرقة مالك هو بسبب شؤم معصيتك حق، فإن الله تعالى يقول: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير {الشورى:30} وروي في الحديث : ما خالطت الصدقة مالا إلا أهلكته. أخرجه البيهقي وغيره.
ثم اعلمي أن من تمام توبتك أن تحسبي زكاة هذه السنين التي لم تخرجي زكاتها ، ثم تخرجيها جميعا ، فإنها دين في ذمتك فلا تبرئين إلا بأدائها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : فدين الله أحق أن يقضى.متفق عليه، ولا يؤثر تلف مالك أو بعضه في وجوب إخراج الزكاة ، فإنه إنما تلف بعد تمكنك من الأداء وتفريطك فيه، فاستقرت الزكاة دينا في ذمتك .
قال النووي في المجموع: الزكاة عندنا يجب إخراجها على الفور، فإذا وجبت وتمكن من إخراجها لم يجز تأخيرها، وإن لم يتمكن فله التأخير إلى التمكن، فان أخر بعد التمكن عصى، وصار ضامنا، فلو تلف المال كله بعد ذلك لزمته الزكاة، سواء تلف بعد مطالبة الساعي أو الفقراء أم قبل ذلك، وهذا لا خلاف فيه. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين: وكذلك لو فرط فأخر إخراجها بلا مسوغ شرعي، وتلف المال فإنه يضمن الزكاة. انتهى.
وأما ما أصابك من مصيبة بسرقة مالك فلعل فيه تكفيرا لذنبك ، وهو من المصائب التي يرجى لك ثوابها بالصبر عليها .
والله أعلم.