السؤال
كنا نصلى الفجر، وبعد أن سلم الإمام قام الذي بجانبي بسجود سجدتي سهو، فقلت له: لماذا تسجد؟ فقال: لأنني شككت أنني لم أسبح الله عند الركوع، فقلت له:إنما جعل الإمام ليؤتم به وما عليك سجود سهو، فقال إنه سأل قبل ذلك ويلزمه سجود السهو. أفيدونا جزاكم الله خيرا لأنني أحس بذنب أني قلت له ذلك ؟
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولا أن الشك في ترك التسبيح لا يشرع له سجود السهو حتى عند الحنابلة القائلين بوجوب تسبيحات الركوع والسجود على المشهور من مذهبهم.
قال المرداوي في الإنصاف: قوله: وإن شك في ترك واجب فهل يلزمه السجود على وجهين. وأطلقهما في الفروع، والتلخيص، والبلغة، والرعاية الصغرى، والحاويين، والكافي، والقواعد الفقهية. إحداهما: لا يلزمه وهو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، قال في المهذب: هو قول أكثر الأصحاب قال في مجمع البحرين: لم يسجد في أصح الوجهين واختاره ابن حامد، والمصنف، والمجد، وجزم به في الوجيز، وقدمه في المستوعب، والرعاية الكبرى وشرح ابن رزين. انتهى.
وعليه فما فعله هذا الرجل غير صحيح لهذين الوجهين، أولا: لكونه مأموما، والمأموم لا يشرع له سجود السهو. وثانيا: لكون الشك في ترك التسبيح ليس مما يشرع له سجود السهو على الراجح، وتقدم كلام العلماء في ذلك.
وحتى على تقدير أن الشخص الذي كان يصلي بجانبك قد تحقق من تركه التسبيح عند الركوع، فإن جماهير أهل العلم من السلف والخلف على أن الإمام يحمل عن المأموم سجود السهو، وهذه بعض النقول عنهم يتبين بها ما ذكرناه.
قال ابن قدامة في المغني: وليس على المأموم سجود سهو إلا أن يسهو إمامه فيسجد معه، وجملته أن المأموم إذا سها دون إمامه فلا سجود عليه في قول عامة أهل العلم، وحكي عن مكحول أنه قام عن قعود إمامه فسجد. ولنا أن معاوية بن الحكم تكلم خلف النبي صلى الله عليه و سلم فلم يأمره بسجود، وروى الدارقطني في سننه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه. ولأن المأموم تابع للإمام وحكمه إذا سها وكذلك إذا لم يسه. انتهى.
وقال النووي في شرح المهذب: قال أصحابنا إذا سها خلف الإمام تحمل الإمام سهوه ولا يسجد واحد منهما بلا خلاف لحديث معاوية. قال الشيخ أبو حامد: وبهذا قال جميع العلماء إلا مكحولا فانه قال يسجد المأموم لسهو نفسه. انتهى.
وقال العلامة العثيمين رحمه الله: قوله: ولا سجود على مأموم إلا تبعا لإمامه أي: أن المأموم لا يلزمه سجود السهو إلا تبعا لإمامه.فقوله: لا سجود عام يشمل السجود للشك، أو السجود للزيادة، أو السجود للنقص. وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه. ولأن سجود السهو واجب، وليس بركن، والواجب يسقط عن المأموم من أجل متابعة الإمام، وذلك في عدة صور: منها: لو قام الإمام عن التشهد الأول ناسيا سقط عن المأموم. ومنها: لو دخل المأموم مع الإمام في ثاني ركعة في رباعية سقط عن المأموم التشهد الأول؛ لأن التشهد الأول يقع لهذا المأموم في الركعة الثالثة للإمام، ومعلوم أن الإمام لا يجلس في الركعة الثالثة؛ فيلزم المأموم أن يقوم معه، فيسقط عنه واجب من واجبات الصلاة، فإذا كان الواجب يسقط عن المأموم من أجل المتابعة، فسجود السهو واجب؛ فيسقط عن المأموم من أجل المتابعة. انتهى.
والله أعلم.