السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 27 عاما، وقد تقدم لخطبتي أكثر من 8 أشخاص، ولكنني لم أوافق على أي منهم، وذلك ليس بتكبر ولكن لعدم وجود توافق بيني وبينهم من ناحية الفكر العلمي، حيث إن أحدا منهم لم ينه مرحلة الإعدادية، أما أنا فقد حصلت على درجة الماجستير، لذلك في كل مرة كنت أشعر أنه لا يمكن أن تكون لي حياة سعيدة مع أحد منهم لاختلاف التوافق الفكري، وسبب رفضى للزواج منهم جعل أبي يكرهني لدرجة كبيرة جدا ويعتبرني بنتا عاقة لوالديها، مع أنني أرى أن حلمي بالزواج من شخص متعلم ليس فيه تكبر على الناس كما يقال لي، فهل في طلبي هذا تشرط على الله في اختيار الشريك ؟ وهل الزواج بيد الإنسان أم أنه قدر من عند الله؟ بمعنى آخر: ما مفهوم أن الزواج قسمة ونصيب؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل في معيار اختيار الزوج هو الدين والخلق، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه الألباني. ولكن ذلك لا يعني أنه لا يجوز اشتراط أمر غير الدين والخلق في الزوج، فمن حق الفتاة أن تشترط مع الدين والخلق أمورا أخرى مباحة، ولا حرج عليها في ذلك، وعلى ذلك فرفضك لمن تقدم إليك لضعف مستوى تعليمهم، لا حرج فيه، ولا يجب عليك قبولهم، وانظري الفتوى رقم: 54311.
لكن ننبهك إلى أن التكافؤ في المستوى التعليمي ليس شرطا ضروريا لتحقيق حياة زوجية سعيدة، فإذا لم يتيسر ذلك، وتوفر الدين والخلق وتحقق القبول بين الزوجين ففي ذلك كفاية لتحقيق السعادة الزوجية.
كما ننبهك إلى ضرورة الإحسان إلى الوالدين والحذر من عقوقهما، فعليك بالتفاهم معهم وبيان وجهة نظرك في رفض من يتقدم إليك، على أن يكون ذلك برفق وأدب مع الاجتهاد في برهم وطاعتهم في المعروف.
أما عن سؤالك عن الزواج هل هو بيد الإنسان؟ أم هو قدر؟، فاعلمي أن كل ما يقع في الكون يقع بقدر الله، وكل مقادير الخلائق مكتوبة قبل أن يخلق الله الخلق، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. رواه مسلم.
فعلى العبد أن يجتهد فيما يقدر عليه من الأسباب ثم يتوكل على الله، ومن أعظم الأسباب النافعة الدعاء ،
قال تعالى: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم .. {غافر:60}، و قال تعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون {البقرة:186}.
والله أعلم.