السؤال
هل أكون آثمة عندما أطلب من زوجي أن يعتدل في علاقته بأهله، فهو من النوع الذي لا يخطو خطوة دون أن يخبر أمه، ولا يخرج من البيت دون أن يمر عليها ويخبرها بوجهته، ولا يرجع دون أن يمر بها ويعلمها بوصوله، وإذا لم يفعل ذلك يوما تظل تبكي وتولول بأن ابنها أصابه مكروه، أو أحدا أصابه بسحر ليغيره من ناحيتها، والآن أنا وزوجي مغتربان من عام، وطيلة هذا العام لم يمر يوم واحد دون أن يحادثها تليفونيا، هذا الأمر آلمني جدا، فاعترضت عليه وطلبت منه أن يكتفي بعدد معين من المكالمات أسبوعيا، فاعترضوا جميعا واتهموني بأني أحاول أن أقطع صله الرحم نهائيا، وطلبوا من زوجي أن يحدثهم عندما يكون في العمل فقط حتى لا أعلم، ولكن ذلك أساء منه رؤساءه في العمل أيضا، والآن صارت لي شهور لم أحدثهم بسبب هذا الموضوع، وكلما طلبت من زوجي أن نحدثهم سويا مرتين أو ثلاثا أسبوعيا يرفض، وأيضا يرفض محادثة أي أحد من أهلي مثلما أفعل أنا.
هل يقع علي إثم؟ وهل هذه هي إبعاد العلاقة السليمة بين الابن وأمه؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس من حقك أيتها السائلة أن تعترضي على زوجك فيما يقوم به من صلة أمه ومداومة السؤال عنها؛ لأن فعله هذا من أعظم الطاعات وأجل القربات التي يتقرب بها إلى الله جل وعلا، والأم هي وصية الله ورسوله، قال الله تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها {الأحقاف: 15 }. وفي الصحيحين أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
فأحرى بك أن تكوني عونا لزوجك على بره بأمه وإحسانه إليها، لاسيما مع ما تذكرين من تعلق أمه به وإشفاقها عليه.
وقد رأيت ما حدث بسبب اعتراضك عليه من فتنة عمياء أفسدت الأحوال وكدرت الأجواء بينك وبين زوجك، وبينك وبين أهله، وبين زوجك وأهلك وما ترتب على ذلك من هجر وقطيعة وتخاصم.
فاتقي الله سبحانه، واحذري من الغيرة المذمومة التي قد تحمل صاحبها على الوقوع فيما حرم الله، واحرصي على أن تكوني عونا لزوجك على بره بأمه خاصة وصلته لسائر أهله.
مع التنبيه على أنه لا يجوز لزوجك أن يهجر أهلك ولا أن يقاطعهم بسبب فعلك، وأيضا لا يجوز له أن يمنعك من محادثة أهله أو صلتهم، لأن الخطأ لا يقابل بمثله.
والله أعلم.