السؤال
أنا مؤمنة من العراق، أشكو من الاكتئاب، فأنا أبلغ من العمر 27 سنة، مشكلتي أن كل الذين تقدموا لخطبتي لم يكونوا بالخلق والدين الذي أنشده في زوج المستقبل، ولست نادمة على رفضي لأي واحد منهم، لأني أؤمن أن الله سيبعث لي من هو بخلق أحسن ودين أقوم. مشكلتي أن المجتمع لا يفهمني، وأينما ذهبت أشعر بأن الناس ينظرون إلي بعين العطف، وحتى أسمع منهم كلاما يخطؤونني به لأني لست متزوجة، علما أني طبيبة وأعمل في مركز صحي، وكل من تقدم لي من الأطباء كانت له سمعة سيئة، أو تتعرقل الخطوبة بسبب الأمور الطائفية في العراق. ماذا أفعل؟ فما عدت أستطيع الاحتمال أكثر. هل أدفن نفسي مع رجل قد يحرمني في يوم من الأيام حتى صلاتي أو أتحمل إذلال الناس؟ كيف أشغل نفسي عن كلام الناس وتعذيبهم لي؟ أرجو المساعدة بحق إخوتنا في الإسلام؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا ننصحك أيتها السائلة بالصبر والثبات على ما أنت عليه من الحق، والرضا بقضاء الله، فإن الرضا بقضائه سبحانه يفتح على العبد من أنواع الفرح والسرور والسكينة والطمأنينة ما لا يعلمه إلا الله.
يقول ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين: أن من ملأ قلبه من الرضى بالقدر ملأ الله صدره غنى وأمنا وقناعة، وفرغ قلبه لمحبته والإنابة إليه والتوكل عليه، ومن فاته حظه من الرضى امتلأ قلبه بضد ذلك، واشتغل عما فيه سعادته وفلاحه، فالرضى يفرغ القلب لله والسخط يفرغ القلب من الله. انتهى.
ونوصيك بالإكثار من الدعاء أن يرزقك الله بزوج صالح يعينك على أمور دينك ودنياك.
وأما عن كلام الناس وهمزهم فلا تعبئي به، فإن الناس لا يرضيهم شيء وإرضاؤهم غاية لا تدرك، فأعرضي عنهم، واشتغلي بما ينفعك في دينك ودنياك، واحذري أن يحملك كلامهم على التعجل في أمر الزواج والرضا بشخص ضعيف في دينه، فإن هذا سيفتح عليك أبواب الفتنة، وعندها ستذوقين وحدك مرارة الخسران والفوت.
واستعيني على أذى الناس بالله سبحانه والإلحاح عليه في الدعاء، ثم بالإقلال من مخالطتهم، واقتصري على مصاحبة من يذكرك بالله حاله، فإن أكثر الناس لا يدعون إلى الخير والعياذ بالله، وقد قال الله سبحانه: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون. {الأنعام: 116}.
جاء في الشرح الصغير للدردير:......إذ لا خير في كثرة اجتماع الناس.
وللحميدي رحمه الله تعالى:
لقاء الناس ليس يفيد شيئا سوى الهذيان من قيل وقال
فأقلل من لقاء الناس إلا لأخذ العلم أو إصلاح حال
انتهى.
والله أعلم.