السؤال
يوجد لدي استفسار عن المعاملات المالية.
أحيطكم علما بأنني أخذت مبلغا من المال من أحد أقاربي كقرض على أن يتم سداده بعد يومين مقابل حصولي على أتعاب من شركة أتعامل معها، ولكن الشركة تأخرت إلى يومنا هذاعن السداد لي وقامت بسداد جزء فقط من المال وجزء بسيط ، ولكن أبلغت الشخص الذي أخذت منه المال بأنني فقط حصلت على جزء بسيط، فهل أودعه لك بالحساب على أن أسدد الباقي حين استلامي للمال؟ فطلب منى أن أحتفظ بالمال وأسدده له حين إكمالي للمبلغ، ولكني اضطررت لأخذ المال الذي كان مخصصا له والمحفوظ عندي لأقرضه لشخص طلب مني شراء بضاعة على أن يرده لي بأسرع وقت، ولكن بعد أن تم شراء البضاعة لم يستطع أن يرده لي، ودخلت كشريك معه بالمحل بمبلغ البضاعة التي تم شراؤها به وأيضا بمبلغ نقدي آخر، إلى يومنا هذا لم أستلم باقي المال من الشركة حتى أسدده للمقرض، وقد طلب منى حين اكتمال المبلغ أن أسدده له كاملا ، فهل المال الذي أخذته غير شرعي وغير حلال؟ وأيضا تراكمت علي مبالغ عن استخدامي للبطاقة المصرفية الأمريكية ويتم أخذ فوائد شهرية عليها، وأيضا عندي أسهم بالسوق ولكن تعرضت للخسارة بأكثر من النصف، فهل أبيع أسهمي التي خسرت فيها لأسدد ديوني وبأيهم أبدأ؟ علما بأن المبلغ بسيط ولن يغطى إلا أحد القرضين؟.
يرجى إفادتي وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب عليك هو سداد القرض الذي أخذته من قربيك، ولا يتعين سداده من المبلغ الذي لك على الشركة، فبادري بسداده من أي مبلغ تحصلين عليه طالما أنك موسرة به، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: مطل الغني ظلم. متفق عليه.
وأما ما رفض استلامه منك من قرضه حتى يكتمل جميعه فهو لك، ولا حرج عليك في تصرفك فيه، وما أقرضك إياه باق في ذمتك حتى تؤديه، واحذري مماطلة صاحبه والتواني في سداد ما عليك من الدين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. رواه مسلم.
وفي مسند أحمد وغيره عن جابر قال: قال: توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه، ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليه، فقلنا: تصلي عليه، فخطا خطوة ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف فتحملها أبو قتادة، فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منها الميت، قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران، فقال: إنما مات أمس قال: فعاد إليه في الغد، فقال: لقد قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردت عليه جلدته.
كما ننبهك على حرمة التعامل بالفيزا التي تترتب عليها فوائد ربوية، قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله {البقرة:278-279}.
وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء.
وانظري الفتوى رقم: 2834.
فتوبي إلى الله تعالى مما كان منك وتخلصي من تلك البطاقة وشرورها، وإذا بعت أسهمك أو غيرها ولم يتسع ثمنها لسداد جميع ديونك وكانت جميعها حالة، فالواجب هو المحاصة بين قرض الرجل وقرض البطاقة ولا تجعلي المبلغ في أحد الدينين دون الآخر إذا ليس أحدهما أولى بالوفاء من الآخر إلا إذا كان أحدهما مؤجلا والآخر حالا، فيبدأ بالحال، أوإن أمكن استئذان أحدهما في التأخير في سداد دينه وقبل بذلك فلا حرج، وكذا إن كان في تأخرك عن سداد قرض الفيزا زيادة ربوية فالأولى أن تبدئي بسداد قرضها للتخلص من فوائدها المحرمة، وضررها الماحق، وينبغي لك استئذان صاحب القرض الأول تطييبا لخاطره، ومتى استطعت سداد دينه بادرت إليه وأحسنت له الوفاء.
والله أعلم.