السؤال
أنا شاب مسلم من الجزائر وأود استفساركم في حكم القرض البنكي وهذا عن طريق بنك البركة الإسلامي المتواجد في الجزائر، وصفتي لا أستطيع أن أحصل على شقة دون اللجوء إلى قرض من البنك وخوفي من الربا. أود من حضرتكم أن توجهوني إلى الرأي الوجيه؟ هذا من جهة، ومن جهة أخرى هناك موضوع آخر: هناك بنوك أخرى تعطي حتى ٩٠٪ من إجمالي سعر البيت، أما بنك البركة فيعطي قرضا ب-٨٠٪ من سعر البيت الإجمالي وهذا ما استوقفني في جواز القرض عند بنك آخر غير بنك إسلامي. وهل يدخل حكم الضروريات؟ وفقكم الله على مجهودكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لك أن تأخذ قرضا ربويا للحصول على السكن أو غيره إلا عند الضرورة الملجئة إلى ذلك وقد بيناها في الفتوى رقم: 102645.
ولا فرق في القرض الربوي بين أن يكون من بنك يرفع شعار الإسلام وبنك تقليدي عادي، فالربا كله محرم ممن كان وأيا كان بل هو من كبائر الذنوب ولا يباح إلا لضرورة شأنه في ذلك شأن باقي المحرمات قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله. {البقرة: 278 ـ 279 }. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات... فذكر منهن: أكل الربا. وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم: آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال: هم سواء. رواه مسلم.
وعلى فرض أنك اضطررت لأخذ قرض ربوي لذلك الغرض فالواجب عليك هو التقيد بحد الضرورة وعدم مجاوزة قدرها قال تعالى: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه. {البقرة: 173} .
وفي فتوى مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة في مؤتمره الثاني المنعقد في شهر محرم 1385 هـ مايو 1965م قالوا: والفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم، لا فرق بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي، وما يسمى بالقرض الإنتاجي الاستغلالي، وكثير الربا في ذلك وقليله حرام، والإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة، والاقتراض بالربا كذلك، ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه ضرورة، وكل امرئ متروك لدينه في تقدير الضرورة. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية: أنه يجوز للمضطر أن يتعامل بالربا للضرورة، فيأثم المقرض دون المقترض. انتهى.
وفي نظرية الضرورة الشرعية: الضرورة: هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو أو بالعرض أو بالعقل أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب أو تأخيره عن وقته دفعا للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. انتهى.
فانظر- رعاك الله- مدى حاجتك وقدر ضرورتك. وهل أنت مضطر فعلا أم لا. فالأمر خطير جد خطير.لكن إن كان بنك البركة المذكور سيعطيك قرضا حسنا، أو يجري معك معاملة تورق منضبطة بالضوابط الشرعية كما هي في هاتين الفتويين: 17772، 13996. فلا حرج عليك في معاملته، ولا يجوز لك حينئذ أن تلجأ إلى غيره من البنوك الربوية ولو كان قرضها أكثر وما لديه أقل. وعلى فرض أن معاملة الكل ربوية وأن الضرورة ألجأتك إلى ذلك فلا يجوز لك أن تأخذ أكثر من حاجتك لأن الضرورة تقدر بقدرها كما ذكرنا. ولاشك أن بنك البركة الإسلامي أولى من غيره من البنوك الربوية وأخف وإن كان في كثير من معاملاته خلط وخبط. واشتراط أمور محرمة تخل بعقد المرابحة الذي يجريه غالبا. وواجب المسلم هو تقليل المفسدة إذا لم يمكن اجتنابها بالكلية.
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 49085.
والله أعلم.