حكم تخصيص دعاء معين والتزامه في وقت المذاكرة

0 567

السؤال

أسال عن دعاء المذاكرة المنتشر في المنتديات وغيرها وهو: اللهم إني أسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين، اللهم إني أسألك أن تجعل ألسنتنا عامرة بذكرك وقلوبنا بطاعتك وأسرارنا بخشيتك، إنك على ما تشاء قدير، هل هذا الحديث ثبت عن رسولنا صلى الله عليه وسلم؟ أم عن السلف الصالح؟ أم هو بدعة؟ وإذا كان بدعة، فما حكمه وحكم ترديده؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذا الدعاء لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، كما لا يعرف عن أحد من السلف، وكذلك تخصيصه بوقت المذاكرة والتزام ذلك واعتقاده سنة يصيره بدعة.

قال الشاطبي في الاعتصام: ومنها ـ أي البدعة الإضافية ـ التزام العبادات المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة.

فالمشروع للمسلم أن يستعين بالله ويدعوه بما يسر الله من الدعوات الطيبة المناسبة لحاجته في كل وقت.

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية ـ24ـ 185ـ فتوى رقم:21350، ما نصه: هذه الأدعية الموضوعة للمذاكرة والنجاح والمنوعة لكل حالة، تعرض للطالب أثناء المذاكرة أدعية مبتدعة، لم يرد في تخصيصها بما ذكر دليل من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أما تخصيصها بما ذكر فلا يجوز، ويجب ترك العمل بها لهذا الخصوص، وعدم اعتقاد صحتها فيما ذكر، والدعاءعبادة لله، فلا يصح إلا بتوقيف، وينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يدعو الله بأن ييسر له أموره كلها، وأن يزيده علما وفقها في الدين، وأن يلهمه الصواب، ويذكره ما نسي، ويعلمه ما جهل، ويوفقه لكل خير، ويذلل له كل صعب، دون أن يجعل لكل حالة دعاء مبتدعا يواظب عليه، وذلك أسلم له في دينه، وأحرى أن يستجيب الله لدعائه ويوفقه لكل خير، فالله ـ سبحانه وتعالى ـ وعد من دعاه بالإجابة والتوفيق للهداية والرشاد وشرط لذلك الاستجابة لما شرع الله والإيمان به سبحانه والاستقامة على دينه، كما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}.

وانظر للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 71748 ، 57083، 8563.

وبخصوص الفقرة الأخيرة من الدعاء المذكور ـ إنك على ما تشاء قدير ـ  فقد سئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين ـ رحمه الله ـ عن قول الإنسان: إن الله على ما يشاء قدير، عند ختم الدعاء ونحوه، فأجاب بقوله: هذا لا ينبغي لوجوه: الأول: أن الله تعالى إذا ذكر وصف نفسه بالقدرة، لم يقيد ذلك بالمشيئة.

الثاني: أن تقييد القدرة بالمشيئة خلاف ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعه.

الثالث: أن تقييد القدرة بالمشيئة يوهم اختصاصها بما يشاؤه الله تعالى فقط، لا سيما وأن ذلك التقييد يؤتى به في الغالب سابقا حيث يقال: على ما يشاء قدير، وتقديم المعمول يفيد الحصر، كما يعلم ذلك في تقرير علماء البلاغة وشواهده من الكتاب والسنة واللغة، وإذا خصت قدرة الله تعالى بما يشاؤه، كان ذلك نقصا في مدلولها وقصرا لها عن عمومها، فتكون قدرة الله تعالى ناقصة، حيث انحصرت فيما يشاؤه، وهو خلاف الواقع، فإن قدرة الله تعالى عامة فيما يشاؤه، وما لم يشأه، لكن ما شاءه فلا بد من وقوعه، وما لم يشأه، فلا يمكن وقوعه. من مجموع الفتاوىـ 3/81 ـ السؤال رقم:437. بتصرف.

وقال:قوله تعالى: { وهو على جمعهم إذا يشاء قدير }. لا يعارض ما قررناه من قبل، لأن القيد بالمشيئة ليس عائدا إلى القدرة، وإنما يعود إلى الجمع، وكذلك لا يعارضه ما ثبت في صحيح مسلم في كتاب: الإيمان، في: باب آخر أهل النار خروجا، من حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آخر من يدخل الجنة رجل، فذكر الحديث، وفيه أن الله تعالى قال للرجل: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر.

 وذلك لأن القدرة في هذا الحديث ذكرت لتقرير أمر واقع، والأمر الواقع لا يكون إلا بعد المشيئة، وليس المراد بها ذكر الصفة المطلقة التي هي وصف الله تعالى أزلا وأبدا، ولذلك عبر عنها باسم الفاعل ـ قادرـ دون الصفة المشبهة ـ قدير.

ـ من مجموع الفتاوى ـ 3/81 – السؤال رقم:437. بتصرف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة